من أصحابنا من قال يكون لمن أراقه، لأنه يعود إلى سابق ملكه، والملك للمريق، فهو كما لو غصب من رجل خمرا وصار في يده خلا (والثاني) يكون ملكا لمن هو في يده، لأنه إذا أراقه صاحبه فقد رفع يده عنه، فإذا جمعه الآخر صارت له عليه يد والأول أصح.
قال ابن الصباغ: إذا رهنه عصيرا فصار خمرا في يد الراهن قبل القبض بطل الرهن، فان عاد خلا لم يعد الرهن، ويخالف إذا كان بعد القبض لان الرهن قد لزم، وقد صار مانعا للملك، وكذلك إذا اشترى عصيرا فصار خمرا في يد البائع وعاد خلا فسد العقد ولم يكن ملكا للمشترى بعوده خلا، والفرق بينه وبين الرهن أن الرهن عاد تبعا لملك الراهن، وها هنا يعود لملك البائع لعدم العقد.
(فرع) إذا رهن عند رجل شاة وأقبضه إياها فماتت زال ملك الراهن وبطل الرهن فيها لأنها خرجت عن أن تكون مالا، فان أخذ الراهن جلدها فدبغها عاد ملكه على الجلد بلا خلاف، وهل يعود رهنا؟ فيه وجهان قال ابن خيران: إنما عاد بمعالجته، ومعنى أحدثه بخلاف الخمر، وسئل أبو إسحاق عن رجل ماتت له شاة، فجاء آخر وأخذ جلدها فدبغه، فقال إذا لم يطرحها مالكها فان الجلد لمالك الشاة دون الدابغ، لان الملك وان عاد بمعنى أحدثه الدابغ إلا أن يد المالك كانت مستقرة على الجلد وجوز له استصلاحه فإذا غصبه غاصب ودبغه لم ينقل يد المالك كما لو كان له جرو كلب يريد تعليمه الصيد فغصبه إنسان وعلمه، فان المغصوب منه أحق به، لان يده كانت مستقرة عليه، قال فأما إذا طرح صاحب الشاة شاته على المزبلة فأخذ رجل جلدها ودبغه ملكه لان المالك قد أزال يده عنها. قيل له: أليس من يحجر مواتا يكون أحق بإحيائها من غيره ثم جاء غيره فأحياها ملكها، فقال الفرق بينهما أن من يحجر على شئ من الموات صار به بمعنى أثره فيه، وهو الحجز ويده ضعيفة لاستبدال ملك، فإذا وجد سبب الملك وهو الاحياء بطلت يده، وكذلك من ماتت له شاة لان يده مقرة عليها بالملك.