يلزم المسلم قبوله، وهذا الوجه يستند أصحابه إلى دلالة قول الشافعي رحمه الله وأصل ما يلزم المسلف قبول ما سلف فيه هو أن يأتيه به من جنسه، وهذا قد أتى به من جنسه، ولأنه قد أعطى من جنس حقه، وفيه زيادة لا تتميز، فأشبه ما لو أسلم في نوع ردئ فأعطاه من ذلك النوع جيدا، فإنه يلزمه قبوله، ولأنه يمكنه إكمال نصاب الزكاة به.
والوجه الثاني. لا يلزمه قبوله، لأنه لم يأت به على الصفة التي اشترط عليه فلا يلزمه قبوله، كما لو أتاه بجنس آخر، وهذا الوجه يقول أصحابه: إنه يجوز أن يقبله إن رضى بغير إلزام لأنه من جنس حقه.
قال العمراني في البيان:
قال القاضي أبو الطيب: الوجهان في الجواز، فأما الوجوب فلا يجب عليه قبوله وجها واحدا، وهو اختيار الشيخ أبي إسحاق في المهذب، وإن أسلم إليه بذرة بيضاء فجاءه عنها بذرة حمراء فلا يلزمه قبولها وجها واحدا.
قال العمراني: وهل يلزمه قبولها. يحتمل أن يكون على وجهين اه.
قلت، وقوله - أعني المصنف رحمه الله في الفصل - وان أسلم إلى محل الخ " قلت: ان أسلم إليه في شئ إلى محل فجاءه المسلم إليه به قبل المحل فامتنع المسلم من قبضه، فإن كان المسلم فيه مما يلحقه التغير والتلف إلى وقت المحل، بأن كان لحما أو رطبا، أو من أنواع الفواكه الرطبة لم يلزم المسلم قبوله، لان له غرضا في تأخيره أن يحتاج إلى أكله أو اطعامه في ذلك الوقت، وكذلك إذا كان المسلم فيه حيوانا لم يلزمه قبوله قبل المحل لأنه يخاف عليه التلف، ويحتاج إلى العلف إلى ذلك الوقت.
وإن كان لا يخاف التغير ولا التلف ولكن يحتاج إلى مكان يحفظ فيه وكان يلزمه عليه مؤنة حفظه كالقمح والقطن لم يلزمه قبوله، لان عليه ضررا في المؤنة في حفظه إلى وقت المحل، فإن كان يحتاج إلى مؤنة في حفظه كالحديد والنحاس وغيرها من المعادن وكانت مغلفة محفوظة مأمونة يلزمه قبوله. لأنه لا ضرر عليه في قبوله، فإن لم يقبله قبله الحاكم، لحديث أبي بكر بن حزم الذي رواه الأثرم