أحضر المسلم فيه وفيه زيادة صفة لا تتميز فلزمه قبوله، فإن جاءه بالأجود وطلب عن الزيادة عوضا لم يجز لأنه بيع صفة والصفة لا تفرد بالبيع، فإن أتاه بثوب ردئ لم يجيز على قبوله لأنه دون حقه، فان قال خذه وأعطيك للجودة درهما لم يجز لأنه بيع صفة ولأنه بيع جزء من المسلم فيه قبل قبضه فان أسلم في نوع من جنس فجاءه بنوع آخر من ذلك الجنس كالمعقلي عن البرنى والهروي عن المروى ففيه وجهان. قال أبو إسحاق لا يجوز لأنه غير الصنف الذي أسلم فيه فلم يجز أخذه عنه كالزبيب عن التمر. وقال أبو علي بن أبي هريرة: يجوز لان النوعين من جنس واحد بمنزلة النوع الواحد. ولهذا يحرم التفاضل في بيع أحدهما بالآخر، ويضم أحدهما إلى الآخر في إكمال النصاب في الزكاة. فإن اتفق أن يكون رأس المال على صفة المسلم فيه فأحضره ففيه وجهان أحدهما لا يجوز قبوله لأنه يصير الثمن هو المثمن، والعقد يقتضى أن يكون الثمن غير المثمن والثاني أنه يجوز لان الثمن هو الذي سلم إليه والمثمن هو الموصوف، وان أسلم إلى محل فأحضر المسلم فيه قبله أو شرط أن يسلم إليه في مكان فأحضر المسلم فيه في غير ذلك المكان فامتنع المسلم من أخذه، نظرت فإن كان له غرض صحيح في الامتناع من أخذه بأن يلزمه في حفظه مؤن أو عليه في حمله مشقة أو يخاف عليه أن يهلك أو يؤخذ لم يلزمه أخذه، وان لم يكن له غرض صحيح في الامتناع لزمه أخذه، فإن لم يأخذه رفع إلى الحاكم ليأخذه عنه، والدليل عليه ما روى أن أنسا رضي الله عنه كاتب عبدا له على مال إلى أجل فجاءه بمال قبل الأجل فأبى أن يأخذه فأتى عمر (رض) فأخذه منه وقال له: اذهب فقد عتقت، ولأنه زاده بالتقديم خيرا فلزمه قبوله. وان سأله المسلم أن يقدمه قبل المحل فقال: أنقصني من الدين حتى أقدمه ففعل لم يجز لأنه بيع أجل والأجل لا يفرد بالبيع، ولان هذا في معنى ربا الجاهلية، فإنه كان في الجاهلية يقول من عليه الدين: زدني في الأجل أزدك في الدين.
(الشرح) الخبر الذي ساقه المصنف عن أنس المذكور في الفصل لم أحفظه بهذه الصورة، وإنما الذي أحفظه ما رواه الأثرم عن أبي بكر بن حزم أن رجلا أتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين إني كاتبت على كذا وكذا وانى أيسرت بالمال فأتيته به