فزعم أنه لا يأخذها الا نجوما، فقال عمر: يأبى؟ وأمر عامله على بيت المال: فخذ هذا المال فاجعله في بيت المال وأد إليه نجوما في كل عام وقد عتق هذا، فلما رأى ذلك سيده أخذ المال، ورواه عثمان بن منصور في سننه عن عمر وعثمان جميعا والذي ثبت فيه ذكر أنس حديث أخرجه البخاري عن موسى بن أنس " أن سيرين - أبا محمد وإخوته - سأل أنس بن مالك المكاتبة، وكان كثير المال، فأبى، فانطلق إلى عمر فقال:
كاتبه، فأبى فضربه عمر بالدرة وتلا عمر: فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا " وأحاديث أخرى من باب المكاتبة ستأتي في الباب إن شاء الله تعالى.
أما لغات الفصل: فالبسر من ثمر النخل ما قبل الرطب وبقية لغات الفصل في الأحكام أما أحكام الفصل: فإنه إذا حل دين المسلم وجب على المسلم إليه تسليم المسلم فيه على ما اقتضاه العقد فإن كان المسلم فيه تمرا، قال الشافعي رحمه الله تعالى:
فليس على المسلم أن يأخذه إلا جافا. قال أصحابنا: ولم يرد بهذا أن يكون مشمسا وإنما أراد به إذا بلغ إلى حالة الادخار فعليه أن يأخذه، وهو إذا وقع عليه اسم الجفاف، وإن لم يتناه جفافه، وإن كان المسلم فيه رطبا لزمه ما يقع عليه اسم الرطب، ولا يلزمه أن يقبل بسرا ولا مذنبا، ولا منصفا، ولا مشدخا، فأما المذنب فهو الذي أرطب في أذنابه لا غير. وأما المنصف فهو الذي صار نصف بسره رطبا ونصفها بسرا. وأما المشدخ فذكر الشيخ أبو حامد أن المشدخ هو الذي ضرب بالخشب حتى صار رطبا فلا يلزمه قبوله لأنه لا يتناوله اسم الرطب وإن تناوله فيكون رطبا مفتوتا.
وقيل: إنهم يشمسون البسر ثم يدلكونه بكسى صوف غليظ وما أشبهه فيصير طعمه طعم الرطب، يفعلون ذلك استعجالا لاكل الرطب من البسير قبل الأرطاب، ولعل الشيخ أبا حامد أراد أنهم يضربون البسر بالخشب ليصير طعمه طعم الرطب، وإن كان المسلم فيه طعاما لزمه أن يدفع إليه طعاما نقيا من الشعير والزوان وعقد التبن، لأن هذه الأشياء تنقصه عن الكيل والوزن.
وإن كان فيه قليل تراب أو شئ من دقاق التبن - نظرت - فان أسلم فيه كيلا لزمه قبوله، لان ذلك لا يؤثر في الكيل، وإن أسلم فيه وزنا لم يلزمه قبوله لان دلك يؤثر في الوزن فيكون المقبوض دون حقه.