قال الشيخ أبو إسحاق: لا تسمع، لأنهما كذبا البينة بدخولهما في البيع، وقال الشيخ أبو حامد وصاحب الفروع: إن شهدت البينة أن العبد حر الأصل، وأن الحوالة وقعت بالثمن أو شهدت بأنه حر الأصل وأقر المحتال بأن الحوالة وقعت بالثمن بطلب الحوالة، لأنه إذا ثبت أنه حر تبينا أنه لم يتعلق بذمة المشتري شئ فحكم ببطلان الحوالة، وإن أقام العبد بينة بحريته، قال ابن الصباغ تثبت حريته وبطلت الحوالة، ولم يذكر له وجها والذي يقتضى المذهب أن الحوالة لا تبطل بذلك، لان العبد يحكم بحريته بتصادق البائع والمشترى، ولا تبطل الحوالة بذلك فكذلك إذا أقام العبد بينة، ولان المتبايعين إذا كانا مقرين بحريته فلا حاجة به إلى إقامة البينة فلا تبطل الحوالة بإقامته البينة.
وإن صدقهما المحتال أنه كان حرا وادعى أن الحوالة وقعت بغير الثمن وقالا بل وقعت بالثمن أو أقاما البينة أن العبد كان حرا، ولم يذكر البينة أن الحوالة وقعت بالثمن، فالقول قول المحتال مع يمينه، لأنهما يدعيان ما يفسدها، والأصل صحتها، قال الشيخ أبو حامد: ويحلف على العلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى.
(فصل) إذا أحال رجل رجلا له عليه دين على رجل له عليه دين ثم اختلفا فقال المحيل وكلتك، وقال المحتال: بل أحلتني نظرت، فان اختلفا في اللفظ فقال المحيل:
وكلتك بلفظ الوكالة، وقال المحتال: بل أحلتني، بلفظ الحوالة، فالقول قول المحيل، لأنهما اختلفا في لفظه، فكان القول فيه قوله، وإن اتفقا على لفظ الحوالة ثم اختلفا فقال المحيل وكلتك، وقال المحتال: بل أحلتني ففيه وجهان.
قال أبو العباس: القول قول المحتال، لان اللفظ يشهد له. ومن أصحابنا من قال: القول قول المحيل، وهو قول المزني، لأنه يدعى بقاء الحق في الذمة والمحتال يدعى انتقال الحق من الذمة، والأصل بقاء الحق في الذمة.
فإن قلنا: بقول أبى العباس، وحلف المحتال ثبتت الحوالة وبرئ المحيل وثبتت له مطالبة المحال عليه، وإن قلنا بقول المزني فحلف المحيل ثبتت الوكالة