لم يلزمه الضمان، لأنه وكيل، ويرجع على المحيل بدينه، ويبرأ المحال عليه، لأنه إن كان محتالا فقد وفاه حقه وإن كان وكيلا فقد دفع إليه.
(الشرح) الأحكام: قال أبو العباس بن سريج: إذا كان لرجل عند رجل ألف فقال من له الدين لرجل لا شئ له عليه، أحلتك على فلان بألف، فهذا توكيل منه في القبض، وليس بحوالة، لان الحوالة إنما تكون عمن له حق، ولا حق للمحتال ههنا فثبت أن ذلك توكيل.
وإن كان لزيد على عمرو ألف درهم ولعمرو على خالد ألف، فاختلف زيد وعمرو، فقال زيد. أحلتني بالألف التي عليك لي بالألف التي لك على خالد بلفظ الحوالة. وقال عمرو. بل وكلتك بأن يقبضها لي منه بلفظ الوكالة، فالقول قول عمرو لأنهما اختلفا في لفظه، وهو أعلم بلفظه، ولأنه قد ثبت استحقاق عمرو الألف في ذمة خالد، وزيد يدعى أن ملكها قد انتقل إليه بالحوالة، والأصل بقاء ملك عمرو عليها، وعدم ملك زيد.
فإن قال عمرو لزيد. أحلتك على خالد بالألف التي لي عليه، فقبل زيد ثم اختلفا فقال عمرو وكلتك لتقبضها لي منه. ومعنى قولي أحلتك أي سلطتك عليه وقال زيد. بل أحلتني عليه بديني الذي لي عليك، فاختلف أصحابنا فقال المزني.
القول قول المحيل وهو عمرو.
وقال الشيخ أبو حامد والطبري: وبه قال المصنف وأبو العباس بن سريج وأكثر أصحابنا، وهو قول أبي حنيفة. لأنهما قد اتفقا على ملك عمرو للألف التي في ذمة خالد، واختلفا في انتقالها إلى زيد وهو المحتال كان القول قول عمرو لان الأصل بقاء ملكه عليها، وإن كان الظاهر مع زيد، كما لو كان لرجل سيارة في يد آخر فادعى من هي بيده أن مالكها وهبها منه. وقال المالك. بل أعرتكها فالقول قول المالك.
وكما لو كانت دار في يد رجل فادعى رجل أنه ورثها من أبيه أو ابتاعها، وأقام على ذلك بينة، وادعى من هي بيده أنها ملكه فإنه يحكم بها لصاحب البينة لأنه قد عرف له أصل ملك، وإن كان الظاهر مع صاحب اليد.