(والوجه الثاني) حكاه المصنف وابن الصباغ عن أبي العباس بن سريج أن القول قول زيد وهو المحتال، لان اسم الحوالة موضوع لتحويل الحق من ذمة إلى ذمة، فكان اللفظ يشهد له.
كما لو تنازعا دارا وهي في يد أحدهما فوجهان فذهب بعض أصحابنا إلى أنه لا يرجع عليه، والثاني. له أن يرجع عليه، لان المحتال إن كان صادقا فالذي في ذمة المحال عليه يمكنه أخذه عن حقه، فإذا قلنا يرجع عليه لان المحتال إن كان صادقا فالذي في ذمة المحال عليه للمحيل، وإن كان المحتال كاذبا فقد استحق المحيل على المحتال ما أخذه منه ظلما، وللمحتال حق على المحال عليه يمكنه أخذه عن حقه.
فإذا قلنا: يرجع عليه، فالذي يقتضى المذهب أنه يرجع عليه بأقل الأمرين مما أخذ منه المحتال أو الدين الذي على المحال عليه لأنه إن أعطى المحتال أكثر من حقه فلم يستحق الرجوع على المحال عليه بأكثر مما عنده، وإن أعطى المحتال أقل من حقه فهو يقر أن جميع ما على المحال عليه للمحتال، وإنما يرجع من ماله بالقدر الذي أخذه منه، وما زاد عليه يقر به المحتال.
وإن قلنا. القول قول المحيل فحلف فبرئ من دين المحتال، وكان للمحتال مطالبة المحال عليه إما بحكم الحوالة أو الوكالة فإذا أخذ منه المال أمسكه بحقه لان المحيل يقول. هو له بحق الحوالة، والمحتال يقول. هو للمحيل ولى عليه مثله وهو غير قادر على حقه من جهة المحيل، فكان له أخذه.
(مسألة) إذا كان لزيد على عمرو ألف درهم، ولخالد على زيد ألف درهم فجاء خالد إلى عمرو وقال. قد أحالني زيد بالألف التي عليك له فان صدقه وجب عليه دفع المال إليه، ثم ينظر في زيد فان صدقه فلا كلام، وإن كذبه كان القول قوله مع يمينه، لان الأصل عدم الحوالة، فإذا حلف رجع زيد بالألف على عمرو، ولا يرجع خالد على زيد بشئ، لأنه إن كان قد قبض حقه من عمرو فقد استوفى، وإن لم يقبضه فله أن يطالبه بحقه، لأنهما متصادقان على الحوالة.
وان كذب عمرو خالدا ولا بينة فالقول قول عمرو مع يمينه، لان الأصل