وقال مالك مرة: بلوغه يغلظ صوته وتنشق أرنبته، وعن أبي حنيفة رواية أخرى تسع عشرة وهي الأشهر، وقال في الجارية: بلوغها لسبع عشرة سنة وعليها النظر. وقال داود الظاهري: لا يبلغ بالسن ما لم يحتلم، ولو بلغ أربعين سنة، فأما الانبات فمنهم من قال: يستدل به على البلوغ، روى عن ابن القاسم وسالم، وقاله مالك مرة، والشافعي في أحد قوليه، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور. وقيل: هو بلوغ إلا أن يحكم به في الكفار فيقتل من أنبت، ويجعل من لم ينبت في الذراري، قاله الشافعي في القول الآخر لحديث عطية القرظي، ولا اعتبار في الخضرة والزغب، وإنما يترتب الحكم على الشعر.
وقال مالك: العمل عندي على حديث عمر بن الخطاب لو جرت عليه المواسى لحددته، قال أصبغ. قال لي ابن القاسم: وأحب إلى أن لا يقام عليه الحد إلا باجتماع الانبات والبلوغ.
قال ابن العربي: إذا لم يكن حديث ابن عمر دليلا في السن فكل عدد يذكرونه من السنين فإنه دعوى، والسن التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من سن لم يعتبرها، ولا قام في الشرع دليل عليها، وكذلك اعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الانبات في بني قريظة، فمن عذيري ممن ترك أمرين اعتبرهما النبي صلى الله عليه وسلم فيتأوله، ويعتبر ما لم يعتبره النبي صلى الله عليه وسلم لفظا، ولا جعل الله له في الشريعة نظرا على أن ابن العربي تبعا لأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز تأول حديث ابن عمر في الأنفال، وأن موجبه الفرق بين من يطيق القتال ويسهم له وهو ابن خمس عشرة سنة ومن لا يطيقه، فلا يسهم له فيجعل في العيال، وهو الذي فهمه عمر بن عبد العزيز من الحديث والله تعالى أعلم.
قال العمراني في البيان: فأما الانزال فمتى خرج منه المنى وهو الماء الأبيض الدافق الذي يخلق منه الولد في الجماع أو في النوم أو اليقظة فهو بلوغ لقوله تعالى " وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا " فلما أمر الأطفال بالاستئذان إذا احتلموا دل على أنهم قد بلغوا لأنهم قبل ذلك لم يكونوا يستأذنون.
وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى