(فرع) إذا وكل العدل في بيع الرهن وكان الثمن في يده كان ضمانه على الراهن إلى أن يصل ليد المرتهن، وبه قال أحمد. وقال مالك وأبو حنيفة هو من ضمان المرتهن، دليلنا أن العدل وكيل الراهن في البيع، والثمن ملك الراهن وكان من ضمانه كالموكل في غير الرهن، فإن تلف الثمن في يده وخرج المبيع مستحقا، فعلى من يرجع المشترى ننظر في العدل، فان أطلق البيع ولم يذكر أن يبيعه على ذمة الراهن رجع المشترى على العدل، لأن الظاهر أنه باع مال نفسه فلزمه الضمان بحكم الظاهر، وإن ذكر عند البيع أنه يبيعه على حساب الراهن أو صدقه المشترى على ذلك، فان المشترى يرجع بالعهدة على الراهن دون العدل، فان العقد له، فان قبض العدل الثمن وسلمه إلى المرتهن ثم وجد المشترى بالرهن عيبا، فإن لم يذكر العدل أنه يبيعه للراهن فان المشترى يرجع بالثمن على العدل ويرجع العدل على الراهن، لأنه وكيله، ولا يسترجع الثمن من المرتهن.
لان الرهن لما بيع حصل ثمنه للراهن وهو مالكه، وعندما أخذه المرتهن فقد استوفى دينه من ملك الراهن فزال حينئذ ملك الراهن عنه، فإن لم يكن للعدل ولا للراهن مال غير الرهن بيع وقضى حق المشترى من ثمنه وما بقي يكون دينا للمشترى على العدل وللعدل على الراهن، وللبحث تتمة في البيوع فليراجع.
والله تعالى أعلم.
إذا شرطا أن يبيع المرتهن الرهن فالشرط باطل، فإذا حل الحق لم يجز للمرتهن بيع الرهن الا أن يحضر الراهن، وهل يبطل الرهن بهذا الشرط قولان لأنه زيادة في حق المرتهن، وقد مضى ذكر مثل ذلك، فأما إذا رهنه رهنا صحيحا وأقبضه إياه فلما حل الحق وكل الراهن المرتهن ببيع الرهن لم تصح الوكالة وإذا باع المرتهن كان البيع باطلا، وبذلك قال أحمد.
وقال مالك وأبو حنيفة: يصح التوكيل والبيع. دليلنا أنه توكيل يجتمع فيه غرضان متضادان، وذلك أن الراهن يريد التأني في البيع للاستقصاء في الثمن، والمرتهن يريد الاستعجال في البيع ليستوفى دينه فلم يجز كما لو كان قد وكله ببيع الشئ من نفسه، فإن كان الراهن حاضرا فهل يصح بيع المرتهن باذن فيه وجهان