قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وفى الوقت الذي يملك فيه وجهان (أحدهما) أنه يملكه بالقبض لأنه عقد يقف التصرف فيه على القبض فوقف الملك فيه على القبض كالهبة فعلى هذا إذا كان القرض حيوانا فنفقته بعد القبض على المستقرض فان اقترض أباه وقبضه عتق عليه (والثاني) أنه لا يملكه إلا بالتصرف بالبيع والهبة والاتلاف لأنه لو ملك قبل التصرف لما جاز للمقرض أن يرجع فيه بغير رضاه، فعلى هذا تكون نفقته على المقرض فان اقترض أباه لم يعتق عليه قبل أن يتصرف فيه، واختلف أصحابنا فيمن قدم طعاما إلى رجل ليأكله على أربعة أوجه (أحدها) أنه يملكه بالأخذ (والثاني) أنه يملكه بتركه في الفم (والثالث) أنه يملكه بالبلع (والرابع) أنه لا يملكه بل يأكله على ملك صاحب الطعام.
(الشرح) الأحكام: متى يملك المستقرض العين التي استقرضها؟ فيه وجهان من أصحابنا من قال: لا يملكها إلا بالتصرف بالبيع أو الهبة أو يتلفها أو تتلف في يده، لان المقرض له أن يرجع في العين ولان المستقرض له أن يردها، ولو ملكها المستقرض بالقبض لم يملك واحد منهما فسخ ذلك فعلى هذا إن استقرض حيوانا كانت نفقته على المقرض إلى أن يتلفه المستقرض.
قوله: فان اقترض أباه. قال أحمد: أكره قرضهم، وقال ابن قدامة يحتمل كراهية تنزيه، ويصح قرضهم، وهو قول ابن جريج والمزني لأنه مال يثبت في الذمة سلما فصح قرضه كسائر الحيوان، ويحتمل أن أراد كراهة التحريم، فلا يصح قرضهم، اختاره القاضي، ويصح قرض العبيد دون الإماء، وهو قول مالك والشافعي إلا أن يقرضهن من ذوي محارمهن، لان الملك بالقرض ضعيف وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.
ومنهم من قال: يملكها المستقرض بالقبض. قال الشيخ أبو حامد: وهو الصحيح، لأنه بالقبض يملك التصرف فيها في جميع الوجوه، فلو لم يملكها بالقبض لما ملك التصرف فيها بما فيه حظ، وبما لاحظ فيها.