ان القول المخالف أولى وهذا قول الشيخ أبي حامد الأسفرايني فان الشافعي إنما خالفه لاطلاعه على موجب المخالفة والثاني القول الموافق أولى وهو قول القفال وهو الأصح والمسألة المفروضة فيما إذا لم يجد مرجحا مما سبق وأما إذا رأينا المصنفين المتأخرين مختلفين فجزم أحدهما بخلاف ما جزم به الآخر فهما كالوجهين المتقدمين على ما ذكرناه من الرجوع إلى البحث على ما سبق ويرجح أيضا بالكثرة كما في الوجهين ويحتاج حينئذ إلى بيان مراتب الأصحاب ومعرفة طبقاتهم وأحوالهم وجلالتهم وقد بينت ذلك في تهذيب الأسماء واللغات بيانا حسنا وهو كتاب جليل لا يستغنى طالب علم من العلوم كلها عن مثله: وذكرت في كتاب طبقات الفقهاء من ذكرته منهم أكمل من ذلك وأوضح وأشبعت القول فيهم وأنا ساع في إتمامه أسأل الله الكريم توفيقي له ولسائر وجوه الخير * واعلم أن نقل أصحابنا العراقيين لنصوص الشافعي وقواعد مذهبه ووجوه متقدمي أصحابنا أتقن وأثبت من نقل الخراسانيين غالبا والخراسانيون أحسن تصرفا وبحثا وتفريعا وترتيبا غالبا:
ومما ينبغي أن يرجح به أحد القولين، وقد أشار الأصحاب إلى الترجيح به، أن يكون الشافعي ذكره في بابه ومظنته وذكر الآخر في غير بابه بأن جرى بحث وكلام جر إلى ذكره فالذي ذكره في بابه أقوى لأنه أتى به مقصودا وقرره في موضعه بعد فكر طويل بخلاف ما ذكره في غير بابه استطرادا فلا يعتنى به اعتناؤه بالأول وقد صرح أصحابنا بمثل هذا الترجيح في مواضع لا تنحصر ستراها في هذا الكتاب في مواطنها إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق *