وأجاب الأصحاب عنه بأجوبة (أحدها) أنه بدأ بالحمد لله وخطب خطبة: فأخل بذلك من نقل كتابه قالوا وقد وجد في بعض النسخ الحمد لله الذي لا شريك له في ملك ولا مثل: الذي هو كما وصف نفسه وفوق ما يصفه به خلقه ليس كمثله شئ وهو السميع البصير (الجواب الثاني) يحتمل أن الحديث لم يبلغ المزني ولا يقدح ذلك في جلالته (الجواب الثالث) أن الذي اقتضاه الحديث أن يحمد لا أن يكتبه والظاهر أن المزني حمد بلسانه فان الحديث مشهور فيبعد خفاؤه عليه وتركه له مع علمه (الرابع) أن لفظة الحمد ليست متعينة لتسميته حمدا لان الحمد الثناء وقد اثنى المزني على الله تعالى أول كتابه فقال بسم الله الرحمن الرحيم والتسمية من أبلغ الثناء:
ويؤيد هذا التأويل أنه جاء في رواية كما نقلناه: وذكروا أجوبة كثيرة غير مرضية فتركتها:
وأما معنى الحمد فقال العلماء هو الثناء على المحمود بجميل صفاته وأفعاله: والشكر الثناء عليه بانعامه فكل شكر حمد وليس كل حمد شكرا ونقيض الحمد الذم ونقيض الشكر الكفر: وقوله الذي وفقنا قال أصحابنا المتكلمون التوفيق خلق قدرة الطاعة والخذلان خلق قدرة المعصية والموفق في شئ لا يعصي في ذلك الشئ إذ لا قدرة له على المعصية. قال إمام الحرمين والعصمة هي التوفيق فان عمت كانت توفيقا عاما وإن خصت كانت توفيقا خاصا قالوا ويكون الشكر بالقول والفعل ويقال شكرته وشكرت له ويقال في لغة غريبة شكرت به بالباء وتشكرت له كشكرته والشكران خلاف الكفران: وقوله وهدانا لذكره المراد هنا بالهدى خلق الايمان واللطف وقد يكون الهدى بمعنى البيان ومنه (وأما ثمود فهد يناهم) أي بينا لهم طريق الخير والشر ومثله (انا هديناه السبيل) (وهديناه النجدين) اي بينا طريق الخير والشر: وأما الذكر فأصله التنبيه قال الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي المفسر الأديب الشافعي أصل الذكر في اللغة التنبيه على الشئ وإذا ذكرته فقد تنبهت عليه ومن ذكرك شيئا فقد نبهك عليه وليس من