وإذا لم يكن اختياره لغير مذهب إمامه بنى على اجتهاد فان ترك مذهبه إلى أسهل منها فالصحيح تحريمه وان تركه إلى أحوط فالظاهر جوازه عليه بيان ذلك في فتواه هذا كلام أبي عمرو * فالحاصل ان من ليس أهلا للتخريج يتعين عليه العمل والافتاء بالجديد من غير استثناء ومن هو أهل للتخريج والاجتهاد في المذهب يلزمه اتباع ما اقتضاه الدليل في العمل والفتيا مبينا في فتواه ان هذا رأيه وان مذهب الشافعي كذا وهو ما نص عليه في الجديد هذا كله في قديم لم يعضده حديث صحيح: أما قديم عضده نص حديث صحيح لا معارض له فهو مذهب الشافعي رحمه الله ومنسوب إليه إذا وجد الشرط الذي قدمناه فيما إذا صح الحديث على خلاف نصه والله أعلم * واعلم أن قولهم القديم ليس مذهبا للشافعي أو مرجوعا عنه أو لا فتوى عليه المراد به قديم نص في الجديد على خلافه اما قديم لم يخالفه في الجديد أو لم يتعرض لتلك المسألة في الجديد فهو مذهب الشافعي واعتقاده ويعمل به ويفتى عليه فإنه قاله ولم يرجع عنه وهذا النوع وقع منه مسائل كثيرة ستأتي في مواضعها إن شاء الله وإنما أطلقوا ان القديم مرجوع عنه ولا عمل عليه لكون غالبه كذلك * (فرع) ليس للمفتي ولا للعامل المنتسب إلى مذهب الشافعي رحمه الله في مسألة القولين أو الوجهين ان يعمل بما شاء منهما بغير نظر بل عليه في القولين العمل بآخرهما ان علمه والا فبالذي رجحه الشافعي فان قالهما في حالة ولم يرجح واحدا منهما وسنذكر إن شاء الله تعالى انه لم يوجد هذا الا في ست عشرة أو سبع عشرة مسألة أو نقل عنه قولان ولم يعلم أقالهما في وقت أم في وقتين وجهلنا السابق وجب البحث عن أرجحهما فيعمل به فإن كان أهلا للتخريج أو الترجيح استقل به متعرفا ذلك من نصوص الشافعي ومأخذه وقواعده فإن لم يكن أهلا فلينقله عن أصحابنا الموصوفين بهذه الصفة فان كتبهم موضحة لذلك فإن لم يحصل له ترجيح بطريق توقف حتى يحصل * وأما الوجهان فيعرف الراجح منهما بما سبق إلا أنه لا اعتبار فيهما بالتقدم والتأخر إلا إذا وقعا من شخص واحد وإذا كان أحدهما منصوصا والآخر مخرجا فالمنصوص هو الصحيح الذي عليه العمل غالبا كما إذا رجح الشافعي أحدهما بل هذا أولى إلا إذا كان المخرج من مسألة يتعذر فيها الفرق فقيل لا يترجح عليه المنصوص وفيه احتمال وقل أن يتعذر الفرق أما إذا وجد من ليس أهلا للترجيح خلافا بين الأصحاب في الراجح من قولين أو وجهين فليعتمد ما صححه الأكثر والأعلم والأورع فان تعارض الأعلم والأورع قدم الأعلم فإن لم يجد ترجيحا عن أحد اعتبر صفات الناقلين للقولين والقائلين للوجهين فما رواه البويطي والربيع المرادي والمزني عن الشافعي مقدم عند أصحابنا على ما رواه الربيع الجيزي وحرملة كذا نقله أبو سليمان الخطابي عن أصحابنا في أول معالم السنن إلا أنه لم يذكر البويطي فألحقته أنا لكونه أجل من الربيع المرادي والمزني وكتابه مشهور فيحتاج إلى ذكره:
قال الشيخ أبو عمرو ويترجح أيضا ما وافق أكثر أئمة المذاهب وهذا الذي قاله فيه ظهور واحتمال وحكي القاضي حسين فيما إذا كان للشافعي قولان أحدهما يوافق أبا حنيفة وجهين لأصحابنا: أحدهما