ما كان راجحا وتضعيف ما كان ضعيفا وتزييف ما كان زائفا والمبالغة في تغليط قائله ولو كان من الأكابر:
وإنما أقصد بذلك التحذير من الاغترار به: وأحرص على تتبع كتب الأصحاب من المتقدمين والمتأخرين إلى زماني من المبسوطات والمختصرات: وكذلك نصوص الإمام الشافعي صاحب المذهب رضي الله عنه فأنقلها من نفس كتبه المتيسرة عندي كالامام والمختصر والبويطي وما نقله المفتون المعتمدون من الأصحاب: وكذلك أتتبع فتاوى الأصحاب ومتفرقات كلامهم في الأصول والطبقات وشروحهم للحديث وغيرها وحيث انقل حكما أو قولا أو وجها أو طريقا أو لفظة لغة أو اسم رجل أو حاله أو ضبط لفظة أو غير ذلك وهو من المشهور اقتصر على ذكره من غير تعيين قائليه لكثرتهم الا ان أضطر إلى بيان قائليه لغرض مهم فأذكر جماعة منهم ثم أقول وغيرهم وحيث كان ما أنقله غريبا أضيفه إلى قائله في الغالب وقد أذهل عنه في بعض المواطن: وحيث أقول الذي عليه الجمهور كذا أو الذي عليه المعظم أو قال الجمهور أو المعظم أو الأكثرون كذا ثم أنقل عن جماعة خلاف ذلك فهو كما أذكره إن شاء الله تعالى: ولا يهولنك كثرة من أذكره في بعض المواضع على خلاف الجمهور أو خلاف المشهور أو الأكثرين ونحو ذلك فاني إنما أترك تسمية الأكثرين لعظم كثرتهم كراهة لزيادة التطويل وقد أكثر الله سبحانه وتعالى وله الحمد والنعمة كتب الأصحاب وغيرهم من العلماء من مبسوط ومختصر وغريب ومشهور: وستري من ذلك إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب ما تقر به عينك ويزيد رغبتك في الاشتغال والمطالعة وترى كتبا وأئمة قلما طرقوا سمعك وقد اذكر الجمهور بأسمائهم في نادر من المواضع لضرورة تدعو إليهم وقد أنبه على تلك الضرورة * وأذكر في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى مذاهب السلف من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من فقهاء الأمصار رضي الله عنهم أجمعين بأدلتها من الكتاب والسنة والاجماع والقياس: وأجيب عنها مع الانصاف إن شاء الله تعالى وابسط الكلام في الأدلة في بعضها واختصره في بعضها بحسب كثرة الحاجة إلى تلك المسألة وقلتها وأعرض في جميع ذلك عن الأدلة الواهية وإن كانت مشهورة:
فان الوقت يضيق عن المهمات: فكيف يضيع في المنكرات والواهيات: وان ذكرت شيئا من ذلك على ندور نبهت على ضعفه * واعلم أن معرفة مذاهب السلف بأدلتها من أهم ما يحتاج إليه لان اختلافهم في الفروع رحمة وبذكر مذاهبهم بأدلتها يعرف المتمكن المذاهب على وجهها والراجح من المرجوح ويتضح له ولغيره المشكلات: وتظهر الفوائد النفيسات: ويتدرب الناظر فيها بالسؤال والجواب: ويفتح ذهنه ويتميز عند ذوي البصائر والألباب: ويعرف الأحاديث الصحيحة من الضعيفة والدلائل الراجحة من المرجوحة ويقوم بالجمع بين الأحاديث المتعارضات والمعمول بظاهرها من المؤولات ولا يشكل عليه إلا أفراد من النادر: وأكثر ما أنقله من مذاهب العلماء من كتاب الاشراف والاجماع لابن المنذر وهو الإمام أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الشافعي القدوة في هذا الفن ومن كتب أصحاب أئمة المذاهب ولا أنقل من كتب أصحابنا من ذلك الا القليل لأنه وقع في كثير