وهذه أحرف من كلام العارفين في الاخلاص والصدق: قال أبو العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما إنما يعطى الرجل على قدر نيته: وقال أبو محمد سهل بن عبد الله التستري رحمه الله نظر الأكياس في تفسير الاخلاص فلم يجدوا غير هذا أن تكون حركاته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى وحده لا يمازجه شئ لا نفس ولا هوى ولا دنيا: وقال السري رحمه الله لا تعمل للناس شيئا ولا تترك لهم شيئا ولا تعط لهم ولا تكشف لهم شيئا: وروينا عن حبيب بن أبي ثابت التابعي رحمه الله انه قيل له حدثنا فقال حتى تجئ النية: وعن أبي عبد الله سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله قال ما عالجت شيئا أشد علي من نيتي انها تتقلب على: وروينا عن الأستاذ أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري رحمه الله في رسالته المشهورة قال الاخلاص إفراد الحق في الطاعة بالقصد وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شئ آخر من تصنع لمخلوق أو اكتساب محمدة عند الناس أو محبة مدح من الخلق أو شئ سوى التقرب إلى الله تعالى قال ويصح ان يقال الاخلاص تصفية العقل عن ملاحظة المخلوقين قال وسمعت أبا علي الدقاق رحمه الله يقول الاخلاص التوقي عن ملاحظة الخلق والصدق التنقي عن مطالعة النفس (1) فالمخلص لا رياء له والصادق لا إعجاب له: وعن أبي يعقوب السوسي رحمه الله قال متى شهدوا في اخلاصهم الاخلاص احتاج اخلاصهم إلى اخلاص: وعن ذي النون رحمه الله قال ثلاثة من علامات الاخلاص استواء المدح والذم من العامة ونسيان رؤية الاعمال في الاعمال واقتضاء ثواب العمل في الآخرة: وعن أبي عثمان رحمه الله قال الاخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق. وعن حذيفة المرعشي رحمه الله قال الاخلاص أن تستوى أفعال العبد في الظاهر والباطن: وعن أبي على الفضيل ابن عياض رحمه الله قال ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجل الناس شرك والاخلاص ان يعافيك الله منهما: وعن رويم رحمه الله قال الاخلاص أن لا يريد على عمله عوضا من الدارين ولا حظا من الملكين: وعن يوسف بن الحسين رحمه الله قال أعز شئ في الدنيا الاخلاص: وعن أبي عثمان قال اخلاص العوام ما لا يكون للنفس فيه حظ واخلاص الخواص ما يجرى عليهم لا بهم فتبدو منهم الطاعات وهم عنها بمعزل ولا يقع لهم عليها رؤية ولا بها اعتداد:
وأما الصدق فقال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال القشيري الصدق عماد الامر وبه تمامه وفيه نظامه وأقله استواء السر والعلانية: وروينا عن سهل بن عبد الله التستري قال لا يشم رائحة الصدق عبد داهن نفسه أو غيره: وعن ذي النون رحمه الله قال الصدق سيف الله ما وضع على شئ الا قطعه: وعن الحارث بن أسد المحاسبي بضم الميم رحمه الله قال الصادق هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله ولا يكره اطلاعهم على السئ من عمله لان كراهته ذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم وليس هذا من أخلاق الصديقين: وعن أبي القاسم الجنيد بن محمد رحمه الله