بخط المفتى فاما باملائه وتهذيبه فواسع وكان الشيخ أبو إسحاق الشيرازي قد يكتب السؤال على ورق له ثم يكتب الجواب وإذا كان في الرقعة مسائل فالا حسن ترتيب الجواب على ترتيب السؤال ولو ترك الترتيب فلا بأس: ويشبه معنى قول الله تعالى (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فاما الذين اسودت) * وإذا كان في المسألة تفصيل لم يطلق الجواب فإنه خطأ ثم له ان يستفصل السائل ان حضر ويقيد السؤال في رقعة أخرى ثم يجيب وهذا أولى وأسلم: وله ان يقتصر على جواب أحد الأقسام إذا علم أنه الواقع للسائل ويقول هذا إذا كان الامر كذا وله أن يفصل الأقسام في جوابه ويذكر حكم كل قسم لكن هذا كرهه أبو الحسن القابسي من أئمة المالكية وغيره وقالوا هذا تعليم للناس الفجور: وإذا لم يجد المفتى من يسأله فصل الأقسام واجتهد في بيانها واستيفائها * (الثانية) ليس له أن يكتب الجواب على ما علمه من صورة الواقعة إذا لم يكن في الرقعة تعرض له بل يكتب جواب ما في الرقعة فان أراد جواب ما ليس فيها فليقل وإن كان الامر كذا وكذا فجوابه كذا: واستحب العلماء أن يزيد على ما في الرقعة ما له تعلق بها مما يحتاج إليه السائل لحديث هو الطهور ماؤه الحل ميتته (الثالثة) إذا كان المستفتى بعيد الفهم فليرفق به ويصبر على تفهم سؤاله وتفهيم جوابه فان ثوابه جزيل * (الرابعة) ليتأمل الرقعة تأملا شافيا وآخرها آكد فان السؤال في آخرها وقد يتقيد الجميع بكلمة في آخرها ويغفل عنها: قال الصيمري قال بعض العلماء ينبغي أن يكون توقفه في المسألة السهلة كالصعبة ليعتاده وكان محمد بن الحسن يفعله: وإذا وجد مشتبهة سأل المستفتى عنها ونقطها وشكلها:
وكذا ان وجد لحنا فاحشا أو خطأ يحيل المعنى أصلحه: وان رأى بياضا في أثناء سطر أو آخره خط عليه أو شغله لأنه ربما قصد المفتى بالايذاء فكتب في البياض بعد فتواه ما يفسدها كما بلى به القاضي أبو حامد المروروذي * (الخامسة) يستحب أن يقرأها على حاضريه ممن هو أهل لذلك ويشاورهم ويباحثهم برفق وانصاف وإن كانوا دونه وتلامذته للاقتداء بالسلف ورجاء ظهور ما قد يخفى عليه إلا أن يكون فيها ما يقبح ابداؤه أو يؤثر السائل كتمانه أو في اشاعته مفسدة * (السادسة) ليكتب الجواب بخط واضح وسط لا دقيق خاف ولا غليظ جاف ويتوسط في سطورها بين توسيعها وتضييقها وتكون عبارة واضحة صحيحة تفهمها العامة ولا يزدريها الخاصة:
واستحب بعضهم أن لا تختلف أقلامه وخطه خوفا من التزوير ولئلا يشتبه خطه: قال الصيمري وقلما وجده التزوير على المفتى لان الله تعالى حرس أمر الدين: وإذا كتب الجواب أعاد نظره فيه خوفا من اختلال وقع فيه أو اخلال ببعض المسؤول عنه * (السابعة) إذا كان هو المبتدى فالعادة قديما وحديثا أن يكتب في الناحية اليسرى من الورقة: قال الصيمري وغيره وأين كتب من وسط الرقعة أو حاشيتها فلا عتب عليه: ولا يكتب