كلام أبي عمرو وهذا الذي أنكره غير منكر بل صحيح وأبو عمرو ممن صححه واعتمده فإنه في القطعة التي شرحها من أول صحيح مسلم في قول مسلم رحمه الله وظننت حين سألتني ذلك تجشم ذلك أن لو عزم لي عليه قال أبو عمر ويقدم على هذا أن الامر في إضافة الأفعال إلى الله تعالى واسع لا يتوقف فيه على توقيف كما يتوقف عليه في أسماء الله تعالى وصفاته ولذلك توسع الناس في ذلك في خطبهم وغيرها قال فإذا ثبت هذا فمراد مسلم لو أراد الله لي ذلك على وجه الاستعارة لان الإرادة والقصد والعزم والنية متقاربة فيقام بعضها مقام بعض مجازا وقد ورد عن العرب أنها قالت نواك الله بحفظه فقال فيه بعض الأئمة معناه قصدك الله بحفظه هذا كلام أبي عمرو وهو راد لكلامه هنا ومعلوم أن من أطلق قصدك الله بحفظه لم يرد القصد الذي هو من صفة الحادث بل أراد الإرادة وقد استعمل المصنف قصد في حق الله تعالى فقال في فضل ترتيب الوضوء الدليل عليه قوله تعالى (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) الآية: فأدخل المسح بين الغسل فدل على أنه قصد ايجاب الترتيب ومراده بالقصد الإرادة: والله أعلم * ويقال عرب بضم العين واسكان الراء وعرب بفتحهما لغتان الثانية أشهر والعرب مؤنثة والله أعلم * (فرع) قال أصحابنا رحمهم الله لو قال بلسانه نويت التبرد ونوى بقلبه رفع الحدث أو بالعكس فالاعتبار بما في القلب بلا خلاف ومثله قاله الشافعي والمصنف والأصحاب في الحج لو نوى بقلبه حجا وجرى على لسانه عمرة أو عكسه انعقد ما في قلبه دون لسانه والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * (والأفضل أن ينوي من أول الوضوء إلى أن يفرغ منه ليكون مستديما للنية: فان نوى عند غسل الوجه: ثم عزبت نيته أجزأه لأنه أول فرض: فإذا نوى عنده اشتملت النية على جميع الفروض: وان عزبت نيته عند المضمضة قبل أن يغسل شيئا من وجهه ففيه وجهان: أحدهما
(٣١٧)