الشر: ففي الصحيحين لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وعن ابن عباس رضي الله عنه ما قال أكرم الناس على جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلى لو استطعت ألا يقع الذباب على وجهه لفعلت * وفي رواية ان الذباب يقع عليه فيؤذيني: وينبغي أن يكون سمحا ببذل ما حصله من العلم سهلا بالقائه إلى مبتغيه متلطفا في إفادته طالبيه مع رفق ونصيحة وارشاد إلى المهمات:
وتحريض على حفظ ما يبذله لهم من الفوائد النفيسات: ولا يدخر عنهم من أنواع العلم شيئا يحتاجون إليه إذا كان الطالب أهلا لذلك: ولا يلق إليه شيئا لم يتأهل له لئلا يفسد عليه حاله فلو سأله المتعلم عن ذلك لم يجبه ويعرفه ان ذلك يضره ولا ينفعه وانه لم يمنعه ذلك شحا بل شفقة ولطفا: وينبغي أن لا يتعظم على المتعلمين بل يلين لهم ويتواضع فقد أمر بالتواضع لآحاد الناس: قال الله تعالى (واخفض جناحك للمؤمنين) * وعن عياض بن حماد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله أوحى إلى أن تواضعوا رواه مسلم * وعن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله الا رفعه الله رواه مسلم * فهذا في التواضع لمطلق الناس فكيف بهؤلاء الذين هم كأولاده مع ما هم عليه من الملازمة لطلب العلم: ومع ما لهم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه واعتمادهم عليه: وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه * وعن الفضيل بن عياض رحمه الله ان الله عز وجل يحب العلم المتواضع ويبغض العلم الجبار ومن تواضع لله تعالى ورثه الحكمة: وينبغي أن يكون حريصا على تعليمهم مهتما به مؤثرا له على حوائج نفسه ومصالحه ما لم تكن ضرورة ويرحب بهم عند اقبالهم إليه لحديث أبي سعيد السابق: ويظهر لهم البشر وطلاقة الوجه ويحسن إليهم بعلمه وما له وجاهه بحسب التيسير: ولا يخاطب الفاضل منهم باسمه بل بكنيته ونحوها: ففي الحديث عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أصحابه اكراما لهم وتسنية لأمورهم وينبغي أن يتفقدهم ويسأل عمن غاب منهم: وينبغي أن يكون باذلا وسعه في تفهيمهم وتقريب الفائدة إلى أذهانهم حريصا على هدايتهم ويفهم كل واحد بحسب فهمه وحفظه فلا يعطيه ما لا يحتمله ولا يقصر به عما يحتمله بلا مشقة ويخاطب كل واحد على قدر درجته وبحسب فهمه وهمته فيكتفى بالإشارة لمن يفهمها فهما محققا ويوضع العبارة لغيره ويكررها لمن لا يحفظها الا بتكرار ويذكر الأحكام موضحة بالأمثلة من غير دليل لمن لا ينحفظ له الدليل فان جهل دليل بعضها ذكره له: ويذكر الدلائل لمحتملها ويذكر هذا ما بينا على هذه المسألة وما يشبهها وحكمه حكمها وما يقاربها: وهو مخالف لها ويذكر ما يرد عليها وجوابه ان أمكنه: ويبين الدليل الضعيف لئلا يغتر به فيقول استدلوا بكذا وهو ضعيف لكذا: ويبين الدليل المعتمد ليعتمد: ويبين له ما يتعلق بها من الأصول والأمثال والأشعار واللغات وينبههم على غلط من غلط فيها من المصنفين: فيقول مثلا هذا هو الصواب ولما ما ذكره فلان فغلط أو فضعيف قاصدا النصيحة لئلا يغتر به لا لتنقص للمصنف: ويبين له على التدريج قواعد المذهب التي لا تنخرم غالبا