(فرع) يلزمه معرفة ما يحل وما يحرم من المأكول والمشروب والملبوس ونحوها مما لا غنى له عنه غالبا: وكذلك أحكام عشرة النساء إن كان له زوجة وحقوق المماليك إن كان له مملوك ونحو ذلك * (فرع) قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله على الآباء والأمهات تعليم أولادهم الصغار ما سيتعين عليهم بعد البلوغ فيعلمه الولي الطهارة والصلاة والصوم ونحوها ويعرفه تحريم الزنا واللواط والسرقة وشرب المسكر والكذب والغيبة وشبهها: ويعرفه أن بالبلوغ يدخل في التكليف ويعرفه ما يبلغ به:
وقيل هذا التعليم مستحب والصحيح وجوبه وهو ظاهر نصه وكما يجب عليه النظر في ماله وهذا أولى وإنما المستحب ما زاد على هذا من تعليم القرآن وفقه وأدب: ويعرفه ما يصلح به معاشه ودليل وجوب تعليم الولد الصغير والمملوك قول الله عز وجل. (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا).
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومجاهد وقتادة معناه علموهم ما ينجون به من النار وهذا ظاهر:
وثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كلكم راع ومسئول عن رعيته ثم أجرة التعليم في النوع الأول في مال الصبي فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته * وأما الثاني فذكر الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي صاحب التهذيب فيه وجهين وحكاهما غيره أصحهما في مال الصبي لكونه مصلحة له: والثاني في مال الولي لعدم الضرورة إليه * واعلم أن الشافعي والأصحاب إنما جعلوا للام مدخلا في وجوب التعليم لكونه من التربية وهي واجبة عليها (1) كالنفقة والله أعلم * (فرع) أما علم القلب وهو معرفة أمراض القلب كالحسد والعجب وشبههما فقال الغزالي معرفة حدودها وأسبابها وطبها وعلاجها فرض عين: وقال غيره ان رزق المكلف قلبا سليما من هذه الأمراض المحرمة كفاه ذلك ولا يلزمه تعلم دوائها وإن لم يسلم نظر ان تمكن من تطهير قلبه من ذلك بلا نعلم لزمه التطهير كما يلزمه ترك الزنا ونحوه من غير تعلم أدلة الترك وإن لم يتمكن من الترك الا بتعلم العلم المذكور تعين حينئذ والله أعلم * (القسم الثاني) فرض الكفاية وهو تحصيل ما لا بد للناس منه في إقامة دينهم من العلوم الشرعية كحفظ القرآن والأحاديث وعلومهما والأصول والفقه والنحو واللغة والتصريف: ومعرفة رواة الحديث والاجماع والخلاف: وأما ما ليس علما شرعيا ويحتاج إليه في قوام أمر الدنيا كالطب والحساب ففرض كفاية أيضا نص عليه الغزالي: واختلفوا في تعلم الصنائع التي هي سبب قيام مصالح الدنيا كالخياطة والفلاحة ونحوهما واختلفوا أيضا في أصل فعلها فقال إمام الحرمين والغزالي ليست فرض كفاية: وقال الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري المعروف بالكيا الهراسي صاحب إمام الحرمين هي فرض كفاية وهذا أظهر: قال أصحابنا وفرض الكفاية المراد به تحصيل ذلك الشئ من المكلفين به أو بعضهم ويعم وجوبه جميع المخاطبين به فإذا فعله من تحصل به الكفاية سقط الحرج عن الباقين وإذا قام به جمع تحصل الكفاية ببعضهم فكلهم سواء في حكم القيام بالفرض في الثواب