أبي العباس بن القاص ورأيت أنا كلامه في التلخيص وفيه إشارة إلى ما ذكره واختلف المصنفون في أصحهما فالأكثرون على أن الأصح وجوب الغسل ممن صححه الفوراني وامام الحرمين والغزالي في البسيط والوجيز وابن الصباغ والمتولي والروياني والرافعي وآخرون وقطع به الشيخ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي في كتابيه التهذيب والانتخاب الدمشقي: وقال البغوي الأصح لا يفتقر وهو مذهب أبي حنيفة والأكثرين وتوجيه الوجهين مذكور في الكتاب ويدل لعدم الغسل قوله صلى الله عليه وسلم (إذا دبغ الاهاب فقد طهر) ويجاب عنه بأن المراد طهرت عينه التي كانت نجسة وليس فيه أنه لا يغسل هذا في وجوب غسله بعد الدباغ وأما استعمال الماء في أثناء الدباغ ففي وجوبه وجهان مشهوران عند الخراسانيين وذكرهما الماوردي من العراقيين أصحهما لا يفتقر إليه: قال امام الحرمين هذا قول المحققين قالوا ومأخذ الوجهين ان المغلب في الدباغ الإزالة أم الإحالة وفيه وجهان فان غلبنا الا زالة افتقر إليه وإلا فلا: ويستدل للأصح بالقياس على الخمر إذا استحالت فإنها تطهر بمجرد الاستحالة وللوجه الآخر بقوله صلى الله عليه وسلم يطهرها الماء والقرظ ولأنه يلين الجلد ويصل به الشث والقرظ ونحوهما إلى جميع أجزائه: وإذ أوجبنا غسله بعد الدباغ فهو طاهر العين بلا خلاف والدباغ حاصل قطعا لكنه نجس بالمجاورة على هذا الوجه فهو كالثوب النجس فيجوز بيعه إذا جوزنا ببيع جلد الميتة المدبوغ صرح به امام الحرمين وغيره: وأما إذا أوجبنا استعمال الماء في أثناء الدباغ فلم يستعمله فالجلد نجس العين بلا خلاف صرح به امام الحرمين وآخرون:
وهل يطهر بعد ذلك بنقعه في ماء كثير أم يشترط رده إلى المدبغة واستعمال الشث حكي الرافعي فيه وجهين وحكي امام الحرمين عن شيخه والده أبي محمد أنه قال لا بد من ابتداء دبغه ثانيا قال الامام ولا يبعد عندي أنه يكتفى بنقعه في الماء الطهور ووجهه الامام أحسن توجيه وأنا أظن الرافعي أراد بالوجهين قول الإمام ووالده: ثم إذا أوجبنا استعمال الماء بعد الدباغ اشترط كونه طهورا نقيا من أدوية الدباغ وغيرها بلا خلاف لأنه إزالة نجاسة وأما إذا اشترطناه في أثناء