عن قولهم العلة في التنجيس الموت وهو قائم والله أعلم * وأما الأوزاعي ومن وافقه فاحتج لهم بما روى أبو المليح عامر بن اثامة عن أبيه رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم بأسانيد صحيحة ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح وفي رواية الترمذي وغيره نهى عن جلود السباع أن تفترش قالوا فلو كانت تطهر بالدباغ لم ينه عن افتراشها مطلقا: وبحديث سلمة ابن المحبق الذي قدمناه (دباغ الأدم ذكاته) قالوا وذكاة مالا يؤكل لا تطهره قالوا ولأنه حيوان لا يؤكل فلم يطهر جلده بالدبغ كالكلب: واحتج أصحابنا بقوله صلى الله عليه وسلم أيما إهاب دبغ فقد طهر وبحديث إذا دبغ الاهاب فقد طهر وهما صحيحان كما سبق وهما عامان لكل جلد وبحديث عائشة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت وهو حديث حسن كما سبق: وبحديث ابن عباس الذي ذكرناه عن المستدرك وغير ذلك من الأحاديث العامة فهي على عمومها الا ما أجمعنا على تخصيصه وهو الكلب والخنزير فان قالوا جلد ما لا يؤكل لا يسمى اهابا كما حكاه عنهم الخطابي فالجواب أن هذا خلاف لغة العرب: قال الإمام أبو منصور الأزهري جعلت العرب جلد الانسان اهابا وأنشد فيه قول عنترة * فشككت بالرمح الأصم اهابه * أراد رجلا لقيه في الحرب فانتظم جلده بسنان رمحه وأنشد الخطابي وغيره فيه أبياتا كثيرة منها قول ذي الرمة * لا يدخران من الايغام باقية * * حتى تكاد تفرى عنهما الاهب * وعن عائشة في وصفها أبيها رضي الله عنهما قالت وحقن الدماء في اهبها تريد دماء الناس وهذا مشهور لا حاجة إلى الا طالة فيه ولأنه جلد حيوان طاهر فأشبه المأكول: وأما الجواب عن حديثهم الأول فمن وجهين أحسنهما وأصحهما ولم يذكر البيهقي وآخرون غيره ان النهي عن افتراش جلود السباع إنما كان لكونها لا يزال عنها الشعر في العادة لأنها إنما تقصد للشعر كجلود الفهد والنمر فإذا دبغت بقي الشعر نجسا فإنه لا يطهر بالدبغ على المذهب الصحيح فلهذا نهى عنها: الثاني ان النهى محمول على ما قبل الدبغ كذا أجاب بعض أصحابنا وهو ضعيف إذ لا معنى لتخصيص السباع حينئذ بل كل الجلود
(٢٢٠)