في ذلك سواء وقد يجاب عن هذا الاعتراض بأنها خصت بالذكر لأنها كانت تستعمل قبل الدبغ غالبا أو كثيرا * والجواب عن حديث سلمة أن المراد أن دباغ الأديم مطهر (1) له ومبيح لاستعماله كالذكاة: وأما قياسهم على الكلب فجوابه انه نجس في حياته فلا يزيد الدباغ على الحياة والله أعلم * وأما أبو حنيفة في قوله يطهر بالدبغ جلد الكلب وداود في قوله والخنزير فاحتج لهما بعموم الأحاديث السابقة وبالقياس على الحمار وغيره: واحتج أصحابنا بأحاديث لا دلالة فيها فتركتها لأني التزمت في خطبة الكتاب الاعراض عن الدلائل الواهية (2) واحتجوا بأن الحياة أقوى من الدباغ بدليل أنها سبب لطهارة الجملة والدباغ إنما يطهر الجلد فإذا كانت الحياة لا تطهر الكلب والخنزير فالدباغ أولى ولأن النجاسة إنما تزول بالمعالجة إذا كانت طارئة كثوب تنجس اما إذا كانت لازمة للعين فلا كالعذرة والروث فكذا الكلب وأما احتجاجهم بالأحاديث فأجاب الأصحاب بأنها عامة مخصوصة بغير الكلب والخنزير لما ذكرناه وجواب آخر لأبي حنيفة انا اتفقنا نحن وأنتم على اخراج الخنزير من العموم والكلب في معناه: وأما قياسهم على الحمار فالفرق أنه طاهر في الحياة فرده الدباغ إلى أصله والله أعلم * وأما مالك ومن وافقه فاحتجوا في طهارة ظاهره دون باطنه بأن الدباغ إنما يؤثر في الظاهر واحتج أصحابنا بعموم الأحاديث الصحيحة السابقة كحديث إذا دبغ الاهاب فقد طهر وغيره فهي عامة في طهارة الظاهر والباطن وبحديث سودة المتقدم قالت (ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها وهو جلدها فما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا) حديث صحيح كما سبق وهو صريح في المسألة فإنه استعمل في مائع وهم لا يجيزونه وإن كانوا يجيزون شرب الماء منه لأن الماء لا ينجس عندهم الا بالتغير: قال أصحابنا ولان ما طهر ظاهره طهر باطنه كالذكاة وأما الجواب عن قولهم إنما يؤثر الدباغ في الظاهر فمن وجهين أحدهما لا نسلم: بل يؤثر في الباطن أيضا بانتزاع الفضلات وتنشف رطوباته المعفنة كتأثيره في الظاهر: والثاني أن ما ذكروه مخالف للنصوص الصحيحة الصريحة فلا يلتفت إليه والله أعلم *
(٢٢١)