[المسألة الثالثة:] لا بد في تحقق الوقف من الصيغة الدالة على انشاء التحبيس المؤبد المذكور، يوقعها مالك العين أو من يفوض إليه أمرها، ومثال ذلك أن يقول المالك: وقفت هذه الدار المعينة أو هذه البناية المعينة لتكون مسجدا، أو يقول: وقفتها على أولادي، أو على الفقراء، أو وقفت هذه العمارة مدرسة لطلاب العلم أو رباطا يقيم فيه الفقراء، ويكفي أن يقول: تصدقت بها في هذا السبيل المعين صدقة مؤبدة لا تباع ولا تورث ولا توهب، أو جعلتها موقوفة.
ولا يشترط في الصحة أن يكون انشاء الصيغة باللغة العربية أو بالفعل الماضي، بل يصح أن يكون الانشاء بالفعل المضارع وبالجملة الاسمية، فيقول: أرضي المعينة موقوفة على الوجه المعين، ويصح انشاؤها بأي لغة من اللغات التي يحسنها الواقف ويعبر فيها تعبيرا دالا على المقصود في عرف أهل تلك اللغة.
[المسألة الرابعة:] لا تكفي كلمة حبست وحدها في الدلالة على معنى الوقف، ولا كلمة سبلت، حتى يضم الكلمة الثانية منهما إلى الأولى، وتتعلق كلمة حبست بالعين التي يريد المالك وقفها وتتعلق كلمة سبلت بالمنفعة الخاصة التي يقصد إباحتها في الوجه الخاص، فيقول: حبست داري المعينة وسبلت منفعتها لتكون مسجدا، أو يقول: حبست العمارة المعينة على أولادي وسبلت منفعتها لهم لتكون مسكنا لهم، أو لتؤجر ويصرف حاصلها في مصالحهم أو لغير ذلك من الوجوه التي يقصدها ويعينها.
[المسألة الخامسة:] يشترط في وقف المسجد أن يقصد الواقف في وقفه أن تكون الأرض أو يكون البناء مع الأرض مسجدا، فيقول: وقفت هذا الموضع المعين مسجدا، أو وقفته ليكون مسجدا، وإذا قال: وقفت المكان على الصلاة أو على العبادة، أو على المصلين صح وقفه مصلى أو معبدا، ولم يصح مسجدا ولم تترتب عليه آثار المسجد ولا فضله ولا أحكامه.