وإن تراضوا بذلك، بل يتعين لهم الانتفاع بالسكنى خاصة، فإذا أمكن لهم أن يسكنوها جميعا سكنوها، ولا يصح لبعضهم أن يستقل بسكنى الدار ويمنع الآخرين، وإذا اختلفوا في اختيار المساكن من الدار أو العمارة وكان الواقف قد جعل للوقف متوليا وجعل له النظر في تعيين المساكن لهم وجب عليهم اتباع نظره، وإذا لم يجعل على الوقف متوليا خاصا، أو كان قد جعل أولياء متعددين واختلفوا في التعيين رجعوا إلى الحاكم الشرعي في حسم نزاعهم، وإذا فقد الحاكم الشرعي أو تعذر عليهم الوصول إليه، رجعوا في تعيين المساكن بينهم إلى القرعة.
وإذا عين الولي أو الحاكم الشرعي لهم المساكن أو عينتها القرعة، وامتنع بعضهم عن السكنى جاز للبعض الآخر أن يستقل بسكنى الدار، ولا حق للممتنع في أن يطالبه بالأجرة عن حصته.
[المسألة 122:] إذا لم تكن الدار كافية لسكني جميع الموقوف عليهم اقتسموا السكنى فيها بالمهاياة، بأن يسكنها بعضهم أياما معلومة، أو أسبوعا، أو شهرا، أو سنة مثلا، ثم يسكنها الآخر مثل ذلك، فإذا تنازعوا في ذلك رجعوا إلى المتولي، ثم إلى الحاكم الشرعي ثم إلى القرعة على النهج الذي تقدم بيانه وليس لبعضهم أن يمتنع عن السكنى بالمهاياة ويطالب من سكن منهم بالأجرة عن حصته.
[المسألة 123:] إذا وقف الرجل شيئا مما يملكه على مصلحة معينة، فبطلت المصلحة الموقوف عليها، ومثال ذلك أن يقف نخيلا يملكها على مسجد في القرية، فيخرب المسجد الموقوف عليه حتى لا يمكن تعميره أو تخرب القرية التي هو فيها وينقطع المصلون فيه، فلا يكون موردا لصرف منفعة الوقف فيه، أو يقف بستانا على مدرسة، فتخرب المدرسة ولا يستطاع تعميرها، أو تنقطع هجرة طلاب العلم إلى البلد التي هي فيه، فلا تصبح المدرسة موردا لصرف منفعة الوقف فيها، أو يقف شيئا على قنطرة، فيندرس النهر فلا يحتاج إلى قنطرة أو تنقطع المارة فتلغى فائدتها.