لأن المنفعة ملكه وإن كانت العين موقوفة، فإذا انقضت المدة كانت المنفعة التي تتجدد بعدها إلى الموقوف عليهم.
هكذا أفاد، وهو ممنوع، فإن منفعة العين بعد فسخ الإجارة تتبع العين، فتكون للموقوف عليه لا للواقف، وقد ذكرنا هذا في كتاب الإجارة في المسألة الثامنة والأربعين، وذكرنا: إن المالك إذا آجر العين مدة معلومة ثم باعها انتقلت العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة في مدة الإجارة، فإذا فسخت الإجارة بخيار أو بإقالة تبعت المنفعة العين، فتكون للمشتري ولا حق فيها للبائع، وهذا بنفسه هو الحكم في المقام، فلا يكون في المنفعة حق للواقف.
[المسألة 37:] الوجه الثاني: أن يقف الواقف العين على الجهة التي أراد الوقف عليها، ويشترط في صيغة الوقف أن تبقى منافع العين على ملكه مدة معينة، أو مدة حياته، فتكون المنافع ملكا له عملا بشرطه، فله أن يتصرف فيها كما يريد، وهو مشكل، فمن المحتمل أن يرجع اشتراط ذلك في صيغة الوقف إلى الوقف على نفسه، وقد تقدم منعه.
نعم، يصح ذلك على الظاهر إذا كان بنحو الاستثناء، لا بنحو الشرط، فيقف الواقف العين على الجهة المقصودة له، ويستثني من منافعها، منفعتها في المدة المعينة بحيث تكون غير داخلة في الوقف ولا مشمولة للصيغة وتبقى على ملك الواقف قبل ايقاع الوقف على العين وخاصة به ولذلك فيصح له التصرف فيها.
[المسألة 38:] الوجه الثالث: أن يملك الانسان داره أو عينه التي يرغب في وقفها لشخص غيره بهبة أو صلح أو غيرهما. ويقفها الشخص الآخر الذي ملكها على الوجه الذي يريد المالك الأول، فيشترط هذا الواقف الأجنبي في صيغة الوقف أن توفي من منافع العين ديون المالك الأول، أو تؤدي منها ما عليه من واجبات مالية أو يعطى منها ما يقوم بمؤونته مدة حياته أو غير ذلك من الانتفاع، وهو وجه صحيح لا اشكال فيه إذا كان التمليك لذلك الشخص صحيحا لا صوريا، وكان وقفه للعين بعد ما ملكها حقيقيا