أما الطريق غير النافذة المسماة بالسكة المرفوعة أو الدريبة، وهي التي لا يسلك منها إلى طريق أخرى أو إلى مباح، بل أحيطت من ثلاث جوانبها بالدور والجدران، فهي ملك لأرباب الدور المفتوحة أبوابها إليها، وهي كسائر الأملاك المشتركة يجوز لأربابها سدها وتقسيمها بينهم وإدخال كل منهم حصته في داره على ما يأتي، ولا يجوز لأحد من غيرهم بل ولا منهم أن يتصرف فيها ولا في فضائها إلا بإذن الجميع ورضاهم.
(مسألة 958) إذا علم أن أرباب الدور المفتوحة في الدريبة كلهم مشتركون فيها من أولها إلى آخرها حتى في آخرها الذي لم يفتح إليها باب، فلا يجوز لأحد منهم التصرف بغير الاستطراق إلا بإذن الجميع، ولكل منهم حق الاستطراق إلى داره من أي موضع من جداره. أما مع الشك في كيفية اشتراكهم، فلا يحكم باشتراك الكل إلا فيما هو تحت يد الكل وهو من أول الدريبة إلى الباب الأول، أما ما بعده فحيث أنه خارج عن يد صاحب الباب الأول فيختص به غيره من سائر الشركاء، وهكذا إلى أن تنحصر الدريبة بباب واحد فيختص بها صاحبه دون سائر الشركاء.
(مسألة 959) ليس لمن كان حائط داره إلى الدريبة فتح باب إليها للاستطراق إلا بإذن أربابها. نعم له فتح شباك إليها وليس لهم منعه لكونه تصرفا في جداره لا في ملكهم، بل له فتح باب إليها للاستضاءة والتهوية، بل له أن يخرب جداره كله إذا كان له وفي ملكه، لكن يحرم عليه المرور والتصرف في الدريبة إلا بإذن مالكيها.
(مسألة 960) يجوز لكل من أرباب الدريبة الجلوس فيها والاستطراق والتردد منها إلى داره بنفسه وما يتعلق به من عياله ودوابه وأضيافه وعائديه وزائريه، وكذا وضع الأحمال والأثقال عند إدخالها وإخراجها من دون إذن الشركاء، بل وإن كان فيهم القصر والمولى عليهم، من دون رعاية المساواة مع الباقين.