إتلاف نفسه، ومن كسر عظم بعير لغيره أو شاة أو بقرة أو طائر أو جرح شيئا من ذلك كان عليه أرشه وهو ما بين قيمته صحيحا ومعيبا وليس له خيار في أخذ قيمته وتسليمه إلى الجاني عليه كما ذكرنا ذلك في إتلاف النفوس، فإن فعل ذلك بخنزير لمسلم أو قرد أو دب وأشباهها لم يكن عليه أرش كما لم يكن قيمة ما أتلف منه، فإن فعله بخنزير ذمي وأشباهه مما تملكه أهل الذمة في ملتهم كان عليه أرشه وهو ما بين قيمته صحيحا ومعيبا عند متملكيه من أهل الكتاب.
والحكم فيما يتملكه الانسان المسلم من آلات اللهو المحظورة في الاسلام كالحكم في الخمور والخنازير.
وإذا جنت بهيمة الانسان على بهيمة غيره أو ملك له من الأشياء فهو على ضربين: إن كانت الجناية منها بتفريط وقع منه في حفظها ومنعها من الجناية أو يتعد في استعمالها فهو ضامن لما أفسدته بجنايتها، وإن كانت بغير ذلك لم يكن عليه ضمان. فمن ذلك جناية غنم الانسان على زرع غيره فإنه إن كان ترك حفاظها ليلا حتى دخلت زرع غيره فأكلته أو أفسدته فهو ضامن لذلك أو إن كان رعاها فيه وأدخلها إليه بغير إذن مالكه، وإن كان إفسادها له نهارا من غير سبب بأحد ما ذكرناه فليس عليه ضمان وذلك أن على صاحب الزرع مراعاته وحفظه نهارا وعلى صاحب الغنم حفظ غنمه ليلا.
قال الله عز وجل: وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمن وكلا آتينا حكما وعلما، وكانت الغنم رعت كرم القوم ليلا فأكلت ورقه وأفسدته فحكم داود لأرباب الكرم برقاب الغنم، وحكم سليمان على أرباب الغنم بسقي الكرم واصلاحه وأن يأخذ أرباب الكرم أصواف الغنم وألبانها إلى أن يرجع كرمهم إلى حالته التي كانت عليه في الصلاح ثم تعود منافع أصواف الغنم وألبانها على أربابها كما كان لهم ذلك قبل فسادها، وكان هذا الحكم ناسخا لحكم داود ع ولم يكن مخالفا له من جهة قياس ولا تخطئة في اجتهاد كما تظنه العامة الجهال.