فيه على ما تقتضيه أصول المذهب وعموم الآي والنصوص.
وأما صيام النذر فقد بينا حكمه فيما تقدم. فمن أفطر في يوم قد نذر صومه متعمدا وجب عليه ما يجب على من أفطر يوما من شهر رمضان عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا، فإن لم يتمكن صام ثمانية عشر يوما، فإن لم يقدر تصدق بما يتمكن منه فإن لم يستطع استغفر الله وليس عليه شئ.
ومن نذر أن يصوم حينا من الزمان وجب عليه أن يصوم ستة أشهر، وإن نذر أن يصوم زمانا كان عليه أن يصوم خمسة أشهر، ومن نذر أن يصوم بمكة أو بالمدينة أو أحد المواضع المعينة شهرا بعينه فحضره وصام بعضه ولم تمكن من المقام جاز له أن يخرج، فإذا رجع إلى بلده قضاه متمما له وبانيا على ما صامه ولا يجب عليه استئنافه، وإن كان الشهر غير معين بزمان فإنه يجب عليه صيامه في ذلك البلد إذا تمكن من المقام لا يجزئه غير ذلك مع الاختيار للخروج من البلد فإن نذره متتابعا وخرج من البلد مختارا فإنه لا يجزئه ما صامه ولا يجوز له البناء عليه وإن لم يتمكن من المقام، فإن كان صام نصف الشهر فله البناء على التمام في بلده لأن من نذر صيام شهر متتابعا وصام نصفه وأفطر فله البناء عليه.
وإن كان خروجه قبل صيام النصف فلا يجوز له البناء، لأن السفر عندنا يقطع التتابع سواء كان مضطرا إليه أو مختارا. فأما إذا لم يكن الشهر المنذور لا متعينا ولا متتابعا بالشرط فلا يجزئه إلا أن يصومه في البلد الذي عينه فيه أي وقت قدر عليه.
ومتى عجز الانسان عن صيام ما نذر فيه تصدق عن كل يوم بمد من الطعام.
هكذا أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في نهايته وهذا ينبغي أن يقيد ويقال متى عجز بمرض يرجى برؤه وشفاؤه فلا يكون هذا حكمه بل يجب عليه قضاؤه بلا كفارة إذا برئ لأنه لا يجب عليه بإفطاره في حال مرضه في الصوم المعين كفارة بل يجب عليه القضاء إذا برئ فحسب بغير خلاف، فأما إذا كان العجز بكبر أو بمرض لا يرجى برؤه ولا شفاؤه فيكون الحكم ما قاله شيخنا فلا قضاء عليه فليتأمل ذلك ففقهه ما ذكرناه.
وصوم كفارة اليمين واجب أيضا وهو ثلاثة أيام متتابعات لا يجوز الفصل بينهما بالإفطار مختارا إلا أن يعرض مرض أو حيض فيجوز البناء على ما صام سواء كان جاوز أكثر