وجب عليه فعلها وما فعله قبل البلوغ لم يكن واجبا عليه وإنما كان مندوبا إليه ولا يجزئ المندوب عن الواجب. وأما الصوم فلا يجب عليه إعادته لأن أول النهار لم يكن مكلفا به فيجب عليه العبادة وبقية النهار لا يصح صومه، ووجوب الإعادة عليه يحتاج إلى دليل، والأصل براءة الذمة. ثم قال في هذا الجزء نفسه في كتاب الصيام مسألة: الصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم والمريض إذا برئ وقد أفطروا أول النهار أمسكوا بقية النهار تأديبا، ولا يجب ذلك بحال فإن كان الصبي نوى الصوم من أوله وجب عليه الإمساك، وإن كان المريض نوى ذلك لم يصح لأن صوم المريض لا يصح عندنا. ثم استدل فقال: دليلنا إجماع الفرقة وأيضا الأصل براءة الذمة ولا نوجب عليها شيئا إلا بدليل.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: المسألة التي ذكرها في كتاب الصلاة هي الصحيحة ودليلها ما استدل به رحمه الله، فأما المسألة الأخيرة ووجوب الإمساك على الصبي إذا بلغ فلا دليل على ذلك بل إجماع أصحابنا منعقد على خلافها وإنما يستحب له الإمساك، ولا يجب على الصبي إذا بلغ في خلال الصوم الإمساك وإنما هذه من فروع المخالفين فلا يلتفت إليها لأنها مخالفة لأصول مذهبنا.
والمسافر إذا قدم أهله وكان قد أفطر قبل قدومه. فلا فرق بين أن يصل قبل الزوال أو بعد الزوال في أنه لا يجب عليه صيام ذلك اليوم بل يمسك تأديبا لا فرضا ووجوبا، فأما إذا لم يكن قد تناول ما يفسد الصيام وقدم أهله، فإن كان قدومه قبل الزوال إلى مكان يسمع فيه أذان مصره فالواجب عليه تجديد النية وصيام ذلك اليوم وجوبا لا مندوبا ويجزئه ولا يجب عليه القضاء، فإن لم يصمه والحال ما وصفناه وأفطر فإنه يجب عليه القضاء والكفارة لأنه أفطر متعمدا في زمان الصيام، وإن قدم إلى المكان الذي يسمع فيه أذان مصره بعد الزوال فإنه يمسك تأديبا لا وجوبا وعليه قضاء ذلك اليوم.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: والمسافر إذا قدم أهله وكان قد أفطر فعليه أن يمسك بقية النهار تأديبا وكان عليه القضاء، فإن لم يكن قد فعل شيئا ينقض الصوم وجب عليه الإمساك ولم يكن عليه القضاء. ولم يفصل ما فصلناه، ولا قال: بعد الزوال أو قبل الزوال، بل أطلق ذلك ولم يقيده فعلى إطلاقه أنه إذا قدم بعد الزوال ولم يكن قد تناول ما يفسد الصيام يجب