المساجد، ولفظ الاعتكاف شرعي وله شروط شرعية على حسب الخلاف في ذلك وعلى كل حال يفتقر فيه إلى بيان، وإذا لم يبينه سبحانه في الكتاب احتجنا في بيانه إلى الرسول وإذا وجدناه ع لم يعتكف إلا بصوم كان فعله بيانا وفعله إذا وقع على وجه البيان كان كالموجود في لفظ الآية، ويعارض المخالف بما روي من طرقهم من قوله ص:
لا اعتكاف إلا بصوم، وقوله لعمر: اعتكف وصم.
ومن شرط انعقاده أن يكون في مسجد صلى فيه النبي ص أو إمام عدل بعده الجمعة وذلك أربعة: المسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الكوفة ومسجد البصرة، بدليل الاجماع المتكرر وطريقة الاحتياط لأنه لا خلاف في انعقاده فيما ذكرناه من الأمكنة وليس على انعقاده في غيرها دليل، وقوله تعالى: وأنتم عاكفون في المساجد، لا ينافي ما ذكرناه لأن اللفظ مجمل ولفظ المساجد هاهنا ينبئ عن الجنس لا عن الاستغراق.
ومن شرط انعقاده أن يكون ثلاثة أيام فما زاد لمثل ما قدمناه من الاجماع وطريقة الاحتياط وتعلق المخالف في ذلك بظاهر قوله تعالى: وأنتم عاكفون في المساجد، وأنه يتناول ما نقص عن ثلاثة أيام لا يصح لأنا قد بينا أن الاعتكاف إما أن يكون لفظه شرعيا أو لغويا له شروط شرعية، فلا بد من الرجوع إلى الشرع إما في الاسم أو في الشروط فعليهم أن يدلوا على أن ما نقص عن الثلاثة يتناوله في الشرع هذا الاسم ويكمل له الشروط الشرعية حتى يصح تناول الآية له.
وملازمة المسجد شرط في صحة الاعتكاف بلا خلاف إلا لعذر ضروري من إرادة بول أو غائط أو إزالة حدث الاحتلام أو أداء فرض تعين من شهادة أو غيرها وعندنا يجوز أن يخرج لعيادة المريض وتشييع الجنازة بدليل الاجماع المتكرر، ويعارض المخالف بما ورد من الحث على ذلك لأنه على عمومه لا يجوز لمن خرج لعذر أن يجلس تحت سقف مختارا حتى يعود إلى المسجد ولا التجارة بالبيع والشراء على كل حال بدليل الاجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
وإذا أفطر المعتكف نهارا أو جامع ليلا انفسخ اعتكافه ووجب عليه استئنافه وكفارة من أفطر يوما من شهر رمضان بدليل ما قدمناه في المسألة الأولى وأيضا قوله تعالى: