وترك العمل بها والنظر في دليل غيرها لأنا قد قلنا إن جل أصحابنا لا يرجمون المساحقة سواء كانت محصنة أو غير محصنة واستدللنا على صحة ذلك فكيف نوجب على هذه الرجم، وإلحاق الولد بالرجل، فيه نظر يحتاج إلى دليل قاطع لأنه غير مولود على فراشه والرسول عليه السلام قال: الولد للفراش، وهذه ليست بفراش للرجل لأن الفراش عبارة في الخبر عن العقد وإمكان الوطئ ولا هو من وطئ شبهة بعقد الشبهة، وإلزام المرأة المهر أيضا فيه نظر، ولا دليل عليه لأنها مختارة غير مكرهة وقد بينا أن الزاني إذا زنا بالبكر الحرة البالغة لا مهر عليه إذا كانت مطاوعة، والبكر المساحقة هاهنا مطاوعة قد أوجبنا عليها الحد لأنها بغي، والنبي عليه السلام نهى عن مهر البغي فهذا الذي يقال على هذه الرواية فإن كان عليها دليل غيرها من إجماع وغيره فالتسليم للدليل دونها، فليلحظ ما نبهنا عليه ويتأمل ولا ينفي في الديانة أن يقلد أخبار الآحاد وما يوجد في سواد الكتب انتهى (1).
ويؤل كلامه وإيراداته إلى إيرادين:
الأول أن الرواية من قبيل أخبار الآحاد التي لا يعمل بها.
الثاني أن الرواية على خلاف مقتضى القواعد فإن الحكم في السحق هو الجلد مطلقا دون الرجم وإن فصل الشيخ قدس سره بين المحصنة وغيرها فأوجب الرجم في الأولى، وهذه الرواية تتضمن الحكم بالرجم.
أما الأول فهو مما يقول به على خلاف المشهور.
وأما اشتمال الرواية على خلاف مقتضى القواعد فأما حكم السحق فهو وإن كان الجلد دون الرجم على ما عليه جل الأصحاب إلا أنه لا يرد إشكال لو قيل هنا بالرجم بمقتضى الرواية بعد البناء على العمل بخبر الواحد فإن هذه مخصصة للروايات الدالة على أن حد السحق هو الجلد وإن كان هذا خلاف ظاهر العموم، لكن يقال به عملا بهذه النصوص وجمعا بينها وبين ما تقدم من الدليل