يخاف المنافق من إبداء شكه بل ربما كان ذلك موجبا لأن يسلم ولو ظاهرا وهو أيضا مؤثر في مجد الاسلام وشوكته وكيانه بخلاف ما لو قبل ذلك منه وخلي سبيله فإنه لا يزال يبقى على حاله ويظهر شكه وترديده ويروج الكفر والفساد، وحيث إن المنافقين كانوا يعلمون أن الشاك أي المظهر بالشك والترديد يقتل فلذا كانوا يسلمون ولا أقل من إظهارهم الاسلام وعدم إظهارهم الترديد في أمر الدين وكيف كان فقد دلت الروايات على قتل مدعي النبوة وكذا الشاك فيها.
نعم هنا إشكال وهو أن مقتضى كلام المحقق هو قتل الشاك إذا صرح بشكه قائلا: إني لا أدري..، ولكن مقتضى رواية عبد الله بن سنان قتل الشاك مطلقا وإن لم ينطق بذلك وعلى هذا يرد أنه لا يقتل من هو أعظم من الشاك وهو المنكر المعتقد بالعدم إذا لم يكن ينطق بكفره كما في المنافقين فلم يكن البناء على قتلهم بل كان النبي صلى الله عليه وآله والمسلمون يعاملون المنافقين معاملة المسلم فمن كان كافرا في الباطن منافقا حقيقة لكنه لا يبدي شيئا بل يقر بالاسلام، يحكم في الظاهر بإسلامه ويرتب عليه أحكام المسلمين إلى أن يظهر ما يخالف ذلك فكيف بالشاك الذي هو على ظاهر الاسلام، فالشاك الذي لم يظهر شكه وكان على ظاهر الاسلام محكوم بكونه مسلما فإذا أبدى الشك وقال: لا أدري، يصير مرتدا عن الاسلام.
وعلى هذا فلو كان الكافر في الرواية بمعناه المصطلح فلا بد من أن يكون قد أبدى شكه وإلا فالمراد من الكفر هو الكفر الباطني لا ما يوجب ترتيب أحكام الكفر.
ثم إنه صرح الشهيد الثاني وكذا بعض آخر بأن الحكم في باب مدعي النبوة أيضا من باب الارتداد كما في باب الشك قال في المسالك: أما وجوب قتل مدعي النبوة فللعلم بانتفاء دعواه من دين الاسلام ضرورة فيكون ذلك ارتدادا من المسلم وخروجا من الملل التي يقر أهلها، من الكافر فيقتل كذلك، وأما