الحدين قلت: فوق ثيابه؟ قال: لا ولكن يخلع ثيابه، قلت: فالمفتري؟ قال:
ضرب بين الضربين فوق الثياب يضرب جسده كله (1).
ثم إن في بعض هذه الأخبار ما يفيد اعتبار أمر آخر وهو الضرب على كل جسده وتمام بدنه.
ولعل ذكر ذلك من جهة أنه إذا أمر بضرب أحد على جسده فبالطبع يضربون على تمام بدنه دون موضع خاص منه الذي يوجب الجرح فيه وإيجاد إيلام زائد وتبعات مؤلمة.
وأما الثالث وهو تشهير القاذف فهو لحكمة أن يعرفه الناس بأنه يقول بخلاف الشرع فلا عبرة بأقواله إذا عاد إلى ما فعل ولا تقبل شهادته كما نص على عدم قبول شهادته في الآية الكريمة فلا بد من أن يعرف فلا تقبل شهادته.
وكيف كان فلا نص هنا بخصوصه على ذلك إلا أنه لما ورد النص بذلك في شاهد الزور كما في موثقة سماعة قال: سألته عن شهود زور فقال: يجلدون حدا ليس له وقت فذلك إلى الإمام ويطاف بهم حتى يعرفهم الناس.. (2).
فبتنقيح المناط وتعميم التعليل المذكور واشتراكه يحكم بالتشهير في المقام أيضا كي يعرفه الناس بذلك ولا يصير قوله في حق الآخرين موجبا لتفضيحهم وسقوطهم في أعين الناس.
وبذلك يخرج المقام عن كونه إشاعة الفاحشة المبغوضة عند الله تبارك وتعالى الموعود عليها العذاب بقوله سبحانه: (والذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب عظيم) (3). ولعل ذلك لكون الزنا مثلا من المعاصي القائمة بشخصين يقع ذلك نوعا في الخفاء ويختم الأمر به في حين أن القذف من المعاصي التي تورث فتنة وفسادا فإنه سبب لفضيحة الناس وهتكهم وإثارة