وهكذا فالظاهر أنه لا فرق بين الاتيان به متفرقين بهذا النحو وبين إتيانهم به مجتمعين، ومجرد كون المطالبة مترتبة ومجيئهم واحدا بعد واحد لا يوجب التفرقة بين القسمين. والمفروض وقوع القذف بلفظ واحد فإن كانت النسبة واحدة لا متعددة يلزم توقف الحد على اجتماع الجميع فإذا حضر الجميع وطالب كل منهم بالحد يقام عليه حد واحد فإن كل واحد منهم جزء في هذه النسبة القائمة بالجميع.
وأما لو كانت الكلمة الواحدة منحلة إلى النسب المتعددة المختلفة على ما هو مقتضى العام الاستغراقي المنحل إلى الأفراد الكثيرة والنسب المتعددة فهذا لا فرق فيه بين إتيانهم بالقاذف متفرقين أو مجتمعين ولازم ذلك تعدد الحد. هذا هو مقتضى القاعدة وذلك لأن النسب المتعددة أسباب متعددة وهي تطلب وتقتضي مسببات متعددة فيتعدد الحد.
ونعم ما قال في كشف اللثام حيث قال مازجا: ولو تعدد المقذوف والقذف تعدد الحد سواء اتحد القاذف أو تعدد، اتحد اللفظ أو تعدد لأن هذا الحد حق المقذوف ولا يتسبب اجتماع مقذوف مع آخر لسقوط حده - حقه - ولكن أكثر الأصحاب بل في السرائر والنكت إن جميعهم اتفقوا على أنه لو قذف جماعة بلفظ واحد كقوله: زنيتم أو: لطتم أو: يا زناة أو: يا لاطة، فإن جاؤوا به الحاكم مجتمعين فللجميع حد واحد وإن جاؤوا به متفرقين فلكل واحد حد ولو قذفهم كل واحد بلفظ حد لكل واحد حدا سواء اجتمعوا في المجئ أو تفرقوا إنتهى كلامه رفع مقامه (1).
وكيف كان فهم قد قالوا بذلك وإن كان مقتضى القاعدة عدم تمامية ما ذكروه.
ثم إن في قبال قول المشهور قول الإسكافي فإنه عكس الأمر وقال: لو قذف جماعة بكلمة واحدة جلد حدا واحدا فإن سمى واحدا واحدا فأتوا به مجتمعين ضرب به حدا واحدا وإن أتوا به متفرقين ضرب لكل واحد منهم حدا.