واستدل على ذلك في الرياض بقوله: بلا خلاف أجده بل عليه الاجماع وفي الانتصار والغنية: وهو الحجة، ومضافا إلى الأصل، واختصاص الفتوى والرواية بحكم التبادر بالرجل دون المرأة، مع منافاة النفي والشهرة لما يجب مراعاته من ستر المرأة انتهى كلامه رفع مقامه. كما أنه في الجواهر قال: اتفاقا على الظاهر منهم كما اعترف به في كشف اللثام، كما أنه وافقه في الأصل لكن أورد عليه فيما أفاده بعد ذلك بأنه لا دليل حينئذ على جلدها يعني إذا كان المتبادر من الفتوى والرواية، والموضوع فيهما هو الرجل فكما أنه لا شهرة ولا حلق ولا نفي في غيره أعني الرجل كذلك لا وجه لجلد غيره أي المرأة ولا دليل عليه.
ونحن نقول: إن السؤال في خبر عبد الله بن سنان عن القواد وهو بظاهره هو الرجل القواد وليس السؤال عن القوادة فلا حاجة إلى التبادر بعد هذا الظهور.
إلا أن الظاهر من أمثال هذه الأسئلة والكلمات هو أنه لا خصوصية للرجل ولا اختصاص عند السائل والمسؤول للرجل بما هو رجل بل المقصود هو المكلف حتى فيما إذا ذكر لفظ الرجل والتصريح به كما في قولهم: رجل شك بين الثلاث والأربع، فإن السؤال راجع إلى الشاك والمكلف من دون نظر إلى الرجل، بل إن خصوصية الرجولية ملغاة وحينئذ فالملاك الكلي والمعيار الأصلي في المقام هو القيادة والوساطة بين شخصين لاجتماعهما على الحرام وحصول العمل الشنيع سواء كان المقدم عليه رجلا أو امرأة وبلحاظ المناط نعلم أن الموضوع هو الأعم وإن كان لفظه ظاهرا في الخاص وعلى هذا فالجلد حكم مطلق من صار واسطة لاقتراف الزنا مثلا لا لخصوص الرجل الذي كان كذلك، ولا تبادر في مثل المقام.
وأما عدم جريان الحلق والشهرة والنفي بالنسبة إليها فلعله لما هو معلوم من مذاق الشارع في أمر النساء، واهتمامه البالغ في سترهن وعفافهن وعدم تبرزهن وأن النساء عي وعورة فإن جز رأسهن وإبرازهن والإطافة بهن في البلد وكذا إخراجهن إلى بلد آخر ينافي هذا المقصد السامي، فالشارع الذي يجد ويهتم في ستر النساء بحيث يحكم مثلا بتجريد الرجل للحد دون المرأة فإنه لا يرضى بتلك الأمور المنافية له.