على العباد، فلو كان مطلق الأرض طهورا كان المناسب أن يذكرها فإنه أدخل في الامتنان مع امكان أن يقال إنها ناظرة إلى تفسير الآية.
وفيه أن الرواية بصدد بيان صحة تيمم المجنب وإمامته مع وجود المتوضئ، و إنما ذكر جعل الله تعالى التراب طهورا استدلالا على المقصود من غير نظر إلى امتنان الله على العباد، ولا إلى تفسير الآية فلا تدل على المطلوب إلا بمفهوم اللقب.
هذا مع أنه لو كان في مقام الامتنان لكان المناسب ذكر الأرض على أي حال لأنها طهور في الجملة.
وعن روض الجنان والروضة لا قائل بالمنع مطلقا والحق ما مر، ولهذا ترى أن الروايات التي بصدد بيان الامتنان ذكرت فيها الأرض وهي ما مر من الحديث المستفيض عن رسول الله صلى الله عليه وآله: " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ".
واستدل أيضا بصحيحة رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " إذا كان الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه " الخ (1) ونظيرها صحيحة عبد الله بن المغيرة، بدعوى أن فرض عدم التراب خاصة دليل على عدم جواز التيمم حال الاختيار بوجه الأرض والامكان عليه فرض عدم الحجر أيضا.
وفيه أنه من القريب أن يكون فرض عدم التراب في الأرض التي لها بلة لم تصل إلى حد الطين، لأجل أن البلة لم تنفذ إلى باطن التراب، فمع وجود التراب في الأرض المبتلة بالمطر القليل مثلا يكون التيمم بالأرض اليابس ممكنا برفع ظاهر التراب، والتيمم باليابس من الأرض الذي لم تنفذ إليه البلة فالصحيحة سيقت لبيان مراتب التيمم بأنه إن أمكن بالأرض اليابسة فهو، وإلا بأجف موضع منها فالأجف إلى أن لا يجد إلا الطين فيتيمم به كما هو المفروض في ذيلها، فلم تكن بصدد بيان تقدم التراب على ساير وجه الأرض بل بصدد بيان تقدم اليابس على غيره، والأجف على غيره فهي غير مربوطة بالمقام.