باسمها أو لا يكون كذلك فإن كان الأول فقد دخل فيما ذكرناه، وإن كان الثاني فهو باطل لأنه لو تصاعد على الأرض شئ من التمر والمعادن أو مما هو خارج عن جوهر الأرض فإنه لا يسمى صعيدا بالاجماع، وأيضا ما روي عنه من قوله: " جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا " وأيضا فقد علمنا أنه إذا تيمم بما ذكرناه استباح الصلاة بالاجماع، وإذا تيمم بما ذكره المخالف لم يستبحها باجماع وعلم، فيجب أن يكون الاحتياط والاستظهار فيما ذكرناه. ولك أيضا أن تقول إنه على يقين من الحدث، فلا يجوز أن تستبيح الصلاة إلا بيقين ولا يقين إلا بما ذكرناه دون ما ذكره المخالف " انتهى بطوله ".
وأنت خبير بأن صدر العبارة صريح في ذهاب أصحابنا إلى صحة التيمم بالتراب وغيره مما يطلق عليه اسم الأرض ولم يتغير تغيرا مخرجا عن اطلاق اسمها عليه رملا كان أو جصا أو حجرا وقوله: " مما لم يتغير " الخ بيان لما يجري مجرى التراب وموضح لمقصوده، فاحتمال كون مراده مما يجري مجراه هو المسحوق من غير التراب، ضعيف، مع أنه مثبت للمدعى في الجملة.
ثم إنه ادعى الاجماع على ما ذكره من جواز الأرض بمطلق ما لا يخرج عن مسمى الأرض، أو على عدم الجواز بما يخرج عنه في مقابل أبي حنيفة وأشباهه ممن أجاز التيمم بالزرنيخ والكحل أو الشجر وشبهه، فللسيد كما يظهر من صد عبارته وذيلها دعويان: إحديهما صحة التيمم بمطلق وجه الأرض وثانيتهما عدم جوازه بما يخرج عن مسماها، فقد استدل على الأولى بالاجماع في أول العبارة وأثنائها وآخرها، وبقاعدة الشغل والاستصحاب، وعلى الثانية بالآية الكريمة والحديث النبوي، وذكر محتملات الآية ردا لأبي حنيفة وأضرابه، لا لاثبات الدعوى الأولى، وإن كان في بعض فقراتها اشعار بأن التراب ما يتيمم به، فلا ريب في لزوم رده إلى ما هو صريح بصحته بمطلق الأرض ولا اغتشاش في عبارته كما ترى، وهو رحمه الله موافق للمشهور من صحته التيمم بالأرض.