وغيرها فإذا وجب التيمم على الأرض ولم تكن قرينة توجب الاكتفاء بالفرد المسامحي المجازي، لزم أن تكون الأرض خالصة عرفا، ويصدق عليها عنوانها من غير مسامحة تحكيما لأصالة الحقيقة.
ودعوى أن الأجزاء الصغار ليست ملحوظة لدى العرف بحيالها لكون المجموع مصداقا للصعيد في الفرض، ولا يعتبر أن يكون كل جزء جزء يفرض منه مما يقع عليه الاسم.
غير وجيهة ضرورة أن كل جزء إذا لم يكن أرضا عرفا لا يمكن أن يكون المجموع أرضا إلا بالمسامحة والتأول، والنقض بمورد الاستهلاك كالفرض الأول ليس على ما ينبغي، لأن فرض الاستهلاك العرفي ينافي البقاء العرفي، وإن كان المستهلك باقيا بالبرهان والعقل البرهاني، أو ترى الأجزاء بآلات مكبرة لكن العرف لا يرى المستهلك موجودا ولو بالدقة كاستهلاك الماء في اللبن، والمراد بالاستهلاك في الفرض الأول ذلك، فلو رؤيت الأجزاء وميزت يكون من قبيل الثاني، وبالجملة أن مصداق المفاهيم قد يكون عقليا برهانيا أو مشخصا بآلات غير عادية كالمكبرات وقد يكون عرفيا حقيقيا من غير مسامحة، وقد يكون عرفيا مسامحيا والميزان هو تشخيص العرف بالنظر الدقيق العرفي، ولا ريب في أن الأرض إذا خالطها أجزاء صغار غير أرضية تدرك بالبصر لا يصدق على مجموعها الأرض حقيقة بل الاطلاق بنحو من المسامحة وتنزيل الموجود الصغير منزلة المعدوم.
ولهذا ترى أن العرف يفرق بين الموضوعات فيسامح في خليط التبن بما لا يسامح في خليط الحنطة ويسامح في خليطها بما لا يسامح في خليط الزعفران والذهب وذلك دليل على التسامح وغض البصر عن بعض الأمور، لا لأن صدق التبن علي الخليط حقيقي بخلاف الزعفران، لكن قد تقدم وجود قرائن في بعض المقامات على أن الموضوع للحكم الشرعي هو الموضوع الذي يتسامح فيه العرف مثلا إذا أوجب الشارع في زكاة الفطر صاعا من الحنطة أو الشعير لا ينقدح في ذهن العرف من وجوب