المائية القليلة التي لا تضر بصدق عدم وجدان الماء، ولا بصدق كون الأرض طينة، فيكون المراد بقوله: " صعيد طيب " هو الطين، وبقوله: " ماء طهور " هو الأجزاء المائية كما تشاهد في الأراضي الممطورة، والطرق المطينة، فتكون الرواية شاهدة على المشهور.
وهنا احتمال ثالث وهو أن المراد بقوله صعيد طيب وماء طهور أن ما يتطهر به أما صعيد طيب، وأما ماء طهور والطين هو الصعيد الطيب فيجوز التيمم به، و مع هذه الاحتمالات لا يمكن رفع اليد عن ظاهر قوله في رواية زرارة فإنه الصعيد، هذا مع أن اطلاق الصعيد على التراب لا يدل على عدم صدقه على غيره، غاية الأمر اشعاره أو دلالته على أن الطين ليس بصعيد.
ومع ذلك يكون رواية زرارة أظهر في دلالتها على كون الطين صعيد من دلالة هذه الرواية على نفيه.
ويمكن الاستشهاد على المطلوب بأن أراضي الحجاز وما حولها غالبا وغالب الأراضي الجبلية لا يوجد فيها التراب الخالص، بل ليس فيها إلا الرمل والأحجار الصغار فلو كان المراد من الصعيد في الآية التراب الخالص لكان التيمم حرجيا علي سكان محل نزول الوحي، وهو ينافي شرع التيمم والنبوي المشهور: " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " الذي هو في مقام بيان الامتنان بل لو كان ذلك لشاع وصار موردا للسؤال والجواب كثيرا.
ثم إنه قد يستدل لمذهب الخصم بعد اجماع السيد والغنية بروايات:
منها صحيحة محمد بن حمران وجميل بن دراج " أنهما سألا أبا عبد الله عليه السلام عن إمام قوم أصابته جنابة في السفر وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم ويصلي بهم؟ فقال: لا ولكن يتيمم الجنب ويصلي بهم فإن الله عز وجل جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا " (1) بدعوى أنه في مقام بيان امتنان الله