حاصل من ضم الطوائف بعضها ببعض، واختلاط اللغات كاختلاط لغة العرب بالعجم، لأجل سلطة الأعراب واختلاطهم مع غيرهم، فربما نسي بعض اللغات من إحدى الطائفتين، وقامت اللغة الأخرى مقامه، وربما بقيت اللغتان فبقي لمعنى واحد لفظان أو أكثر من اختلاط الطوائف، فيظن من ذلك الاشتراك اللفظي البعيد أو المرجوح.
وكيف كان لا يمكن لنا الاتكال في معنى الصعيد على قول أهل اللغة مع هذا الاختلاف الفاحش بينهم، فإن حجية قولهم إما لحجية قول أهل الخبرة فمع اختلافهم وتعارض أقوالهم تسقط عنها، أو للاطمئنان والوثوق منه فلا يحصل معه، ودعوى الزجاج عدم الاختلاف بين أهل اللغة يردها قول من عرفت من كونه التراب الخالص أو الاشتراك بينه وبين غيره.
كما أن الاستدلال على كونه مطلق وجه الأرض بقول الله تعالى: " صعيدا زلقا " وقول النبي صلى الله عليه وآله في النبوي المتقدم. في غير محله، لعدم جريان أصالة الحقيقة مع معلومية المراد والشك في الوضع، وإنما هي حجة في تشخيص المراد بعد العلم بالوضع.
وكذا دعوى الانصراف إلى التراب الخالص لكونه الفرد الغالب الشايع في غير محلها، لمنع تحقق الشيوع الموجب له كما أن الأرض لا تنصرف إليه.
وقد يستدل لتشخيص المراد من الصعيد في الآية التي في المائدة بلفظة " منه " بدعوى أن المتبادر منها هو المسح ببعض الصعيد، لظهور رجوع الضمير إليه وعدم امكان المسح بجميعه، فلا بد من المسح ببعضه، ولا يمكن ذلك إلا بإرادة التراب منه لحصول العلوق به دون الحجر ومثله، سواء كان الاستعمال على وجه الحقيقة أو المجاز، والمقصود في المقام اثبات المطلوب لا اثبات المعنى الحقيقي.
وفيه أن المحتمل بدوا فيها كون الضمير راجعا إلى الصعيد وكون " من " ابتدائية وعليه يكون معنى الآية. " تيمموا واقصدوا صعيدا فإذا انتهيتم إليه فارجعوا منع إلى مسح الوجوه والأيدي " فيكون الصعيد منتهى المقصود أولا، فإذا انتهى