تمسح الوجه يفهم منه عرفا ما يفهم من رجوعه إلى التيمم، فلا بد من نكتة أخرى فيه غير ما تقدم، فلعلها لإفادة كون المسح على الوجه والأيدي جميعا من ذلك التيمم، أي عدم لزوم تجديد الضرب أو عدم جوازه.
ولعل التعليل على هذا الاحتمال أقرب بأن يقال: إن المراد منه إفادة أن الضرب الثاني لا يحصل به إلا ما يحصل بالضرب الأول، ولا يعلق الصعيد على جميع اليد حتى يجري على الوجه، بل يعلق على بعضه فلا يلزم العلوق بل ما لزم هو كون المسح من ذلك التيمم، وهو حاصل بالضرب الأول.
وبالجملة ليس اللازم في المسح أن يكون بأجزاء الأرض لأنه غير ممكن في التيمم لأن الأجزاء لا تعلق بجميع اليد حتى تجري على الوجه، بل اللازم أن يكون من التيمم وهو حاصل بالضرب الأول من دون تكرار.
ولعل هذا مراد الشهيد في محكي الذكرى في ذيل الرواية بقوله: وهذا الصحيح فيه إشارة إلى عدم اعتبار العلوق وهو كذلك، لأن فيها إشارة إلى أن المعتبر هو العلاقة لا العلوق.
ثم إن الأقوى ما عليه المشهور من كون ما يتيمم به مطلق وجه الأرض لا التراب خاصة لطوائف من الروايات فيها الصحيح والموثق، ربما يستفاد منها أن المراد بالصعيد في الآية مطلق وجه الأرض.
منها النبوي المعروف: " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " (1) وهي رواية مشهورة مستفيضة نقلا لو لم نقل بتواترها ولهذا نسبها الشيخ الصدوق (ره) إلى النبي صلى الله عليه وآله على سبيل الجزم، ولا يمكن ذلك من مثله رحمه الله إلا مع علمه بصدورها وقد ذكرنا أن جواز الاتكال بمثل هذا الارسال بنفسه من مثله لا يخلو من قوة فضلا عن مثل المقام مع استفاضة النقل. فقد رواها الشيخ الكليني في الكافي، والبرقي في المحاسن والصدوق في الخصال بسندين وفي الأمالي وابن الشيخ الطوسي في مجالسه والطبرسي في بشارة المصطفى