غيرها بضرب من التأويل، ولأن ذكر المسح ببعضه غير محتاج إليه بعد عدم امكانه بجميع ما يصدق عليه الصعيد، بل غير محتاج إليه مع الامكان أيضا، لأن طبيعة المسح توجد بأول مصداقه عرفا، والفرض أن الصعيد اسم جنس صادق على الكل وبعضه، لا يثبت مدعاهم، وهو كون المراد من الصعيد هو التراب.
أما أولا فلما عرفت من عدم دليل في ظاهر الآية بأن الماسح الكف، بل يمكن أن يكون نفس الصعيد برفع بعضه إلى الوجه، وهو يشعر بخلاف مطلوبهم، وأن يكون المراد مسح الوجه على الأرض نظير ما صنع عمار، والمنظور الآن هو النظر إلى نفس الآية لا الأدلة الخارجية والمرتكزات الحاصلة من معهودية كيفية التيمم، وإلا يكون مطلوبهم واضع البطلان كما يأتي التنبيه عليه.
وأما ثانيا فلأن وجه الأرض لا ينحصر بالتراب والحجر حتى يثبت مطلوبهم، بل كثير من الأراضي يكون لها علوق مع عدم كونها ترابا كالجص والنورة والرمل بل والحجر المسحوق وغيرها.
ويحتمل أن تكون " من " للتأكيد كقوله تعالى: " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " وقوله: " وترى الملائكة حافين من حول العرش " فيكون المعنى فامسحوا بوجوهكم وأيديكم الصعيد، وهذا الاحتمال إن لم يكن أقرب من الاحتمال المتقدم لعدم لزوم التصرف في الصعيد بما مر من لزومه على ذاك الاحتمال، فلا أقل من مساواته معه، ويأتي فيه ما مر آنفا؟ - في فرض ذاك الاحتمال.
وما قيل إن مجئ الحرف للتأكيد خلاف الظاهر، والأصل أن تستعمل في معنى من المعاني، غير مسلم إذا كان ساير المعاني خلاف ما وضع له كما يظهر منهم هاهنا، من أن الأصل فيها الابتدائية، بل عن السيدان كلمة " من " ابتدائية وأن جميع النحويين من البصريين منعوا ورود من لغير الابتداء.
نعم لو ثبت اشتراكها بين المعاني المذكورة لها يكون المجيئ للتأكيد خلاف الأصل لكنه غير معلوم، ويحتمل أن يكون بدلية مع رجوع الضمير إلى