وبما ذكرنا يظهر دفع توهم قبح تعلق الأمر على ما يتوقف على مقدمة محرمة، لمنع القبح على فرض، ومنع التعلق على آخر يتضح بالتأمل فيما مر فلا نعيده، وأما ساير الاشكالات المتقدمة فلا يتأتى فيها.
وقد يقال: بعدم امكان تصحيح الوضوء المتوقف على الاغتراف من الآنية المغصوبة لاشتراك تحققه في الخارج بقصد حصول عنوانه، بداعي التقرب فيكون القصد المحصل لعنوانه من مقومات ماهية المأمور به، فيشترط فيه عدم كونه مبغوضا للشارع، فغسل الوجه إنما يقع جزء من الوضوء إذا كان الآتي به بانيا علي اتمامه وضوءا وهذا البناء ممن يرتكب المقدمة المحرمة قبيح يجب هدمه، والعزم على ترك الوضوء بترك الغصب فلا يجوز أن يكون هذا العزم من مقومات العبادة، بل العزم على ذي المقدمة عزم على ايجاد مقدمته اجمالا، ولدى التحليل لا أنه موقوف عليه.
وفيه: أن ما هو القبيح العزم على الغصب لا العزم على اتمام الوضوء، وحكم العقل بلزوم ترجيح جانب الغصب وهدم العزم ليس لأجل كون الوضوء أو عزمه قبيحا أو حراما، بل لأجل ترجيح الأهم، فما هو من مقومات ماهية الوضوء هو العزم على الوضوء، متقربا به إلى الله لا العزم على المعصية والتصرف في الآنية المغصوبة وما هو قبيح يجب هدمه هو هذا العزم لا الأول، فلو فرض تحليل العزم إلى العزم على التصرف عدوانا، والعزم على الوضوء يكون الأول قبيحا دون الثاني، ولزوم هدم الثاني عقلا ليس لقبحه، وعدم امكان وقوعه مقوما لماهية العبادة، بل لاتحاده مع الأول وحكم العقل بالترجيح.
هذا مع أن ما ذكره أخيرا من أن العزم على ذي المقدمة عزم على مقدمته اجمالا ولدى التحليل لا يمكن مساعدته، ضرورة أن العزم والإرادة وغيرهما من الأوصاف ذات الإضافة إنما يكون تشخصها بمتعلقاتها، ومع كثرة المتعلقات لا يمكن وحدتها فالعزم المتعلق على الكون على السطح لا يمكن أن يصير متشخصا إلا بالوجود العنواني، لذلك العنوان لا العنوان الآخر، ولا يمكن أن يكون الوجودان