صام في حال السفر أو في حال المرض فعليه القضاء، فإن الله عز وجل يقول: " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " فهذا تفسير الصيام " (1) فحكم بوجوب القضاء عليهما وإن صاما مستدلا بالآية ومستظهرا منها من دون اعمال تعبد، وقد عرفت أن ذلك مقتضى اطلاقها.
فتحصل مما ذكرنا أن المستفاد من الآية أن صوم المريض والمسافر بعنوانهما محرم باطل ويظهر منها تعليله بإرادة اليسر وعدم إرادة العسر على الأمة، فيجب التعميم بمقتضى العلة المنصوصة.
ثم يقع الكلام في أن القضايا المعللة المعممة هل تكون ظاهرة في أن الحكم لحيثية العلة كما يقال في الأحكام العقلية أن الحيثيات التعليلية عناوين للموضوعات.
فيكون حكم العرف كحكم العقل أو أن الظاهر كون عنوان الموضوع ما أخذ في ظاهر القضية المعللة، وما أخذ علة واسطة في ثبوت الحكم لموضوعه، فقوله: " الخمر حرام لأنه مسكر " ظاهر عرفا في أن موضوع الحرمة هو الخمر وكونه مسكرا واسطة لتعلقها عليه؟ الأقرب هو الثاني، فإن الأول حكم عقلي دقيق برهاني لا عرفي عقلائي إذ لا اشكال في أن العرف يرى في تلك القضايا أمورا ثلاثة: الموضوع والحكم و واسطة ثبوته له.
فتحصل مما ذكر أن المتفاهم من الآية أن صوم المريض والمسافر حرام بعنوانه لأجل إرادة اليسر، والظاهر بحسب فهم العرف أن القضايا المفهومة من تعميم التعليل كالقضية الأصلية المعللة لها موضوع وحكم ووسط، فقضية تعميم التعليل في قوله " الخمر حرام لأنه مسكر " إن الفقاع والنبيذ كذلك بعنوانهما لكونهما مسكرا، فإن الحكم في الفرع تابع لأصله، فاحتمال كون الحكم في الفرع لحيثية الاسكار وكون الشئ مسكرا بما هو كذلك ضعيف مخالف لفهم العرف والعقلاء، فظهر مما مر أن مقتضى تعميم العلة بنحو ما مر أن ما يلزم منه الحرج والعسر بعنوانه حرام، فالوضوء