متعلقهما إلى مقارناته ومتحداته، فالأمر بالوضوء ليس إلا أمرا بهذه الطبيعة وهي ليست بمنهي عنها. ولا مشتملة على مفسدة حتى يكون التعلق بها قبيحا والظاهر أن الدعويين نشأتا من مبدء واحد هو الخلط بين متعلقات الأوامر والنواهي، وقد تقرر الدعوى بأن ايجاد الفرد الخارجي يعرضه صفة الحسن أو القبح باعتبار جهته القاهرة، فلا يكون ما يوجده المكلف من حيث صدوره منه إلا حسنا أو قبيحا على سبيل منع الجمع، لامتناع توارد الوصفين المتضادين على الفعل الخاص الصادر من المكلف من حيث صدوره منه الذي لا يتصف بشئ من الوصفين إلا من هذه الحيثية، فالفرد الخارجي من الصلاة الذي يتحقق به الغصب المحرم على الاطلاق يمتنع أن يطلبه الشارع، فإن الأمر بشئ في الجملة ينافي النهي عنه على الاطلاق.
وفيها أن هذه الدعوى أيضا تنحل إلى دعويين، إحديهما: وهي التي ذكرها أخيرا ترجع إلى امتناع تعلق الطلب بشئ في الجملة مع تعلق النهي عنه مطلقا، وقد مر مورد الخلط فيها وقلنا: إن الأمر لا يمكن أن يتعلق بغير عنوان متعلقه وهو الصلاة في المثال، كما أن النهي أيضا لا يمكن أن يتعلق بغير عنوان الغصب، فلا يتحد المتعلقان في وعاء التعلق والخارج ليس وعائه.
وثانيتهما: أن الفعل الخارجي لا يمكن أن يكون حسنا وقبيحا، لأنهما وصفان متضادان لا يمكن تواردهما على الفعل الخاص الصادر من المكلف، وفيها أن الحسن والقبح ليسا من الأعراض والكيفيات الخارجية الحالة في الموضوع كالسواد والبياض حتى لا يكفي اختلاف الجهة في رفع التضاد بينهما، فقبح الظلم لا يكون له صورة خارجية حالة في الجسم، بل هو أمر عقلي منتزع من التصرف عدوانا في مال الغير، أو من قتل نفس محترمة عدوانا مثلا، وكذا حسن العدل ليس من الأعراض الخارجية بل من الانتزاعيات فيمكن أن يكون شئ خارجي ذا عناوين حسنة وقبيحة، فالفعل الخاص الخارجي ليس قبحه لأجل كونه من مقولة خاصة، أو كونه صادرا من فاعل كذا أو في وقت كذا أو حال في محل كذا مع أن كلها عناوين متحدة معه بل إنما هو لأجل كونه