ظلما وعدوانا، فإذا لم يسر قبحه إلى ساير الجهات وبقيت هي على ما هي عليها بلا اقتضاء الحسن والقبح، يعلم أن القبح لا يسري من عنوانه وحيثيته إلى حيثية أخرى وعنوان آخر وكذا الحسن.
فلا مانع من أن يكون عنوان الحسن والقبح صادقين على موجود خارجي، فيكون حسنا بوجه وقبيحا بوجه، والجهات في العقليات تقييدية فتكون الحيثيات بما هي موضوعة للحسن والقبح، فالصلاة في الدار المغصوبة حسنة بما هي صلاة ليست إلا، والغصب في حال الصلاة قبيح ليس إلا، من غير سراية ما لكل عنوان وحيثية إلى عنوان آخر وحيثية أخرى.
ومما ذكرنا يظهر النظر فيما يقال بوقوع الكسر والانكسار في الجهات المقتضية و بعد قاهرية جهة يتمحض الفعل في الجهة القاهرة، فإذا كانت مقبحة يتمحض في القبح فقط، فالفعل الخاص الصادر من المكلف لا يكون إلا حسنا أو قبيحا على سبيل منع الجمع وذلك لما عرفت من أن الفعل الخارجي مجمع لعناوين وله جهات فإذا فرض في إحدى عناوينه جهة مقبحة وفي الأخرى جهة محسنة وفرض غلبة المقبحة على المحسنة لا توجب خروج الجهة المحسنة عن كونها جهة محسنة، لأن معنى قاهرية إحدى الجهتين ليس سراية القبح منها إلى الجهة التي هي حسنة، بل لا يكون إلا كتقديم الأهم على المهم، والفارق الذي بينهما ليس فارقا من الجهة المنظورة عقلا، لأن شأن العقل تحليل الجهات وتكثير الحيثيات وعدم الاهمال فيها.
وبالجملة: لا يعقل أن تكون نتيجة الكسر والانكسار اعدام الجهة المقهورة، فما فيه الجهتان يكون كل منهما ممحضا فيما هو شأنه فالوضوء من الماء المغصوب و الصلاة في الدار المغصوبة مع قاهرية حيثية الغصب على حيثيتهما، لا يمكن أن يخرجا من الجهة المحسنة التي فيهما بعنوانهما وحيثيتهما الذاتية، وأن حكم العقل بلزوم تركهما والأخذ بما هو ذو جهة قاهرة.
ونحن الآن بصدد بيان مقتضى حكم العقل لا الترجيحات التي وقعت من الشارع