الواقع الذي خاف منه، فإذا تيمم من خوف العطش ولو في محل مخوف ثم تبين عدم حصول العطش على فرض استعمال الماء بطل على الثاني دون الأول، وكذا في ساير موارد الخوف أو يفصل بين المقامات؟ التحقيق هو التفصيل، فإن الظاهر من الأدلة غير دليل ضيق الوقت إن صرف معرضيته للخطر الموجبة للخوف موضوع لتشريع التيمم و رفع الوضوء، فقوله في صحيحة ابن سنان: " إن خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة وليتيمم بالصعيد، فإن الصعيد أحب إلى " (1) ظاهر في أن مجرد خوف العطش يوجب محبوبية الصعيد، وقوله في موثقة سماعة بعد فرض خوف قلة الماء: " يتيمم بالصعيد ويستبقي الماء فإن الله عز وجل جعلهما طهورا الماء والصعيد " (2) وقوله في رواية ابن أبي يعفور بعد فرض انحصار الماء بمقدار شربه: " يتيم أفضل ألا ترى أنه إنما جعل عليه نصف الطهور " (3) ظاهر أن في مشروعية التيمم وأنه أحد الطهورين، وأن عليه نصف الطهور في هذا الحال وكذا الحال في ساير الموارد.
وبالجملة الظاهر من تلك الموارد أن الشارع لاحظ حال المكلف لئلا يقع في معرض الخطر، وهذه المعرضية أوجبت رفع الوضوء وتشريع التيمم، بل الظاهر أن في تلك الموارد إنما رفع الوضوء لنكتة رفع الحرج عن المكلف ولا شبهة في أن الالزام بالاقدام على ما هو معرض الخطر حرج عليه، ففي تلك الموارد إذا تيمم وصلى صحت صلاته ولا إعادة عليه، ولو انكشف عدم اللص وعدم اضرار الماء وهكذا.
وأما صورة خوف فوت الوقت فالظاهر أنه ليس على مساق ساير الموارد، بل الشارع لاحظ فيه حفظ التكليف الأهم لدى الدوران بينه وبين المهم، فأمر بالتيمم لا لأجل صيرورة خوف الفوت موجبا لاسقاط المائية ومحبوبية الترابية، بل لأجل الاعتناء باحتمال فوت الأهم في قبال المهم، بل يمكن أن يقال بعدم تشريع التيمم