على نحو العزيمة، كما تشعر به ما عن الطبرسي في الإحتجاج عن الكاظم عليه السلام والرواية طويلة جدا وفيها عد عدة موارد رفعت الآصار عن الأمة بدعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قوله: ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملة على الذين من قبلنا.
منها: رفع قرض أذى النجاسة من أجسادهم وجعل الماء طهورا للأمة.
ومنها رفع الصلوات المفروضة على ساير الأمم في ظلم الليل وأنصاف النهار وجعلها في أطراف الليل والنهار وفي أوقات نشاطهم.
ومنها رفع خمسين صلاة وجعل الخمس في أوقات خمسة فيستشعر أن ما رفع عن الأمة من التكاليف مثل تلك الموارد ليس لهم التكلف باتيانها.
فتحصل من جميع ذلك أن ثبوت الترابية وسقوط المائية إنما هو على وجه العزيمة وليس للعبد اختيار المائية، أما لأجل إرادة الله التوسيع على العباد، وأما لأجل انطباق عنوان رد الهدية على الاتيان بها، وأما لأجل حرمة الرد لا حرمة المائية لكن لأجل اتحادهما في الخارج يتعين عليه الترابية، وسيأتي في الأمر الآتي الفارق بين الاحتمالات وما هو الأظهر بينها.
ثم من المحتمل أن يكون رفع الرج عن العباد وإرادة التوسيع عليهم لا لصرف الامتنان عليهم حتى يقال: إنه لا يقتضي الالزام أو لا يناسبه، بل لأنه تعالى لا يرضى بوقوع عباده في المشقة والحرج كالأب الشفيق الذي لا يرضى بوقوع ابنه المحبوب في الحرج ولو باختياره فيمنعه اشفاقا عليه.
ويحتمل أن يكون رفع الحرج في عباداته ومن قبله لعدم رضائه بوقوع العبيد في المشقة من ناحيتها، لكونه مظنة لانزجارهم عنها فينتهي إلى ادبار نفوسهم عن عبادة الله و دينه وهو أمر مرغوب عنه.
ففي رواية عمرو بن جميع " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي إن هذا الدين متين فأوغل فيه بالرفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك إن المنبت يعني المفرط لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع " (1).