وعن أبي عبد الله عليه السلام بسند صحيح " قال: لا تكرهوا على أنفسكم العبادة " (1) ولا يبعد عدم جواز ذلك إذا كانت مخافة الوقوع في الانزجار من دين الله والعياذ بالله.
وأما ما ورد من بعض الأئمة المعصومين عليهم السلام من ايقاع المشقة على نفوسهم الشريفة فلأنهم مأمونون من خطوات الشيطان وخطراته وأما ساير الناس فإني لهم بالعلم أو الاطمينان من الأمن من كيده ووسوسته، بل لنفوسهم الشريفة مقامات من الحب إلى عبادة الله والاشتياق إلى لقاء الله ربما لا يكون ما هو مشاق على ساير النفوس مشقة عليهم بل لهم لذات في عباداتهم ورياضاتهم كما هو معلوم رزقنا الله تعالى الاقتداء بهم، وقد خرج الكلام من طرز البحث الفقهي إلى واد يتحير فيه العقول، مع أن ما ورد من تحمل المشاق منهم إنما هو في المستحبات دون الواجبات، وما ورد في غسل أبي عبد الله عليه السلام في ليلة باردة قد مر الكلام فيه، وفي المستحبات كلام آخر، ولا يبعد عدم شمول أدلة الحرج لها لعدم حرجية الأمر الاستحبابي. تأمل. هذا كله في مورد الحرج.
وأما ساير الموارد فالميزان في كون التيمم متعينا وسقوط المائية على وجه العزيمة هو لزوم محذور شرعي من الوضوء والغسل، ولو لم يلزم منه حرمتهما كما لو كان في التوصل إلى الماء خوف التلف كما إذا خاف من السبع أو السقوط في البئر فتلف أو خاف من استعمال الماء العطش المهلك أو خاف الهلاكة من البرد أو المرض أو غير ذلك أو لزم منه ارتكاب محرم كالوضوء من آنية الذهب أو الفضة، أو المرور من طريق مغصوب أو ترك واجب كانقاذ نفس محترمة أو لزم منه فوت الوقت إلى غير ذلك، ولا اشكال فيما إذا أحرز المحذور الشرعي.
نعم في بعض موارد الضرر على النفس كلزوم طول المرض أو حدوث مرض غير مهلك أو الضرر على الجرح والقرح أو لزوم طول زمان البرء، أو لزوم ضرر غير مهلك على النفس في طي الطريق إلى الماء، أو خوفه من الموارد التي قد يتردد في قيام الدليل على الحرمة، هل يمكن استفادة تعين التيمم وكون سقوط المائية عزيمة من أدلة الباب أولا؟ لا يبعد ذلك من مجموع الروايات، فإن طائفة منها وردت فيما كان الغسل ضرريا