والانصاف أن القواعد وإن تقتضي سقوطه إلا أن الاحتياط لا ينبغي أن يترك لكن ينبغي الاحتياط بترك الصلاة مع فقدان الطهورين، لاحتمال الحرمة النفسية في الدخول فيها جنبا، بل ومن غير وضوء لقوله تعالى: " لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا " بناء على أن المراد من الصلاة نفسها لا محالها كما هو الأظهر في الآية، ولا ينافيه قوله: " إلا عابري سبيل " لأنه إشارة ظاهرا إلى المسافر الفاقد الذي يأتي حكمه في ذيلها، ولا يكون ذلك تكرارا بشيعا حتى يكون قرينة على إرادة محالها. بل هو من قيل الاجمال و التفصيل وهو من فنون البلاغة.
والظاهر من التعبير " بلا تقربوا " هو الحرمة الذاتية. وليس سبيلها سبيل النواهي في المركبات التي تكون ظاهرة في الارشاد إلى المانعية، للفرق بين قوله لا تصل جنبا ولا تصل في وبر ما لا يؤكل وبين قوله: لا تقربوا الصلاة جنبا فإن سبيله سبيل قوله: " لا تقربوا الزنا " و " لا تقربوا الفواحش " و " لا تقربوهن حتى يطهرن " مما هي ظاهرة في مبغوضية الارتكاب وأهمية الموضوع.
ولرواية مسعدة بن صدقة الموثقة على الأصح وفيها " فقال جعفر بن محمد بن سبحان الله أفما يخاف أن يصلي من غير وضوء أن تأخذه الأرض خسفا " (1) وصحيحة صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: أقعد رجل من الأحبار في قبره فقيل له: إنا جالدوك مئة جلدة من عذاب الله " إلى أن قال: " فقال: لم تجلدونيها؟ قالوا: نجد لك أنك صليت يوما بغير وضوء " (2) فإن الظاهر منها أن الجلدة لم تكن لترك الصلاة بل لاتيانها بغير وضوء، وليست الحرمة النفسية ببعيدة بعد وقوع نظيرها في العبادات كصلاة الحائض.
نعم وردت رواية صحيحة من زرارة يظهر منها أن المراد من قوله تعالى: " ولا جنبا